يصنعوا شيئا ، فقالوا : أفدنا يرحمك الله ، فقال لهم الكسائي : تفهموا عن الحائك؟ تقول إذا نسبت الرجل إلى الذئب : قد استذأب الرجل ، ولو قلت استذاب بغير همز لكنت إنما نسبته إلى الهزال ، تقول قد استذاب الرجل إذا استذاب شحمه بغير همز ، وإذا نسبته إلى الحوت تقول : قد استحات الرجل أي كثر أكله لأن الحوت يأكل كثيرا ، لا يجوز فيه الهمز ، فلتلك العلة همز الذئب ولم يهمز الحوت ، وفيه معنى آخر. لا يسقط الهمز من مفردة ولا من جميعه ، وأنشدهم :
أيها الذئب وابنه وأبوه |
|
أنت عندي من أذأب ضاريات |
قال : فسمي الكسائي من ذلك اليوم.
أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ ، حدّثنا أبو عليّ الحسن بن داود ، حدّثنا أحمد بن فرج ، حدّثنا أبو عمر قال : أبو عليّ وحدثنا أبو جعفر عقدة ، حدّثنا أبو بديل عن سلمة قال : كان عند المهديّ مؤدب يؤدب الرّشيد ، فدعاه يوما المهديّ وهو يستاك فقال : كيف تأمر من السواك؟ فقال : أستك يا أمير المؤمنين. فقال المهديّ : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم قال : التمسوا لنا من هو أفهم من ذا ، فقالوا رجل يقال له عليّ بن حمزة الكسائي من أهل الكوفة قدم من البادية قريبا ، فكتب بإزعاجه من الكوفة ، فساعة دخل عليه قال : يا عليّ بن حمزة. قال : لبيك يا أمير المؤمنين قال : كيف تأمر من السواك؟ قال : سك يا أمير المؤمنين ، قال أحسنت وأصبت ، وأمر له بعشرة آلاف درهم.
أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطيّ ، أخبرنا محمّد بن جعفر التّميميّ ، أخبرنا أبو بكر الدارمي ، وأبو عليّ النقار ، وأبو العبّاس محمّد بن الحسن الهذلي قالوا : حدّثنا أحمد بن فرح قال : سمعت أبا عمر الدّوريّ يقول : كان أبو يوسف يقع في الكسائي ويقول : أيش يحسن؟ إنما يحسن شيئا من كلام العرب ، فبلغ الكسائي ذلك ، فالتقيا عند الرشيد ، وكان الرّشيد يعظم الكسائي لتأديبه إياه. فقال لأبي يوسف : يا يعقوب أيش تقول في رجل قال لامرأته أنت طالق طالق طالق؟ قال واحدة. قال : فإن قال لها أنت طالق ، أو طالق ، أو طالق؟ قال واحدة. قال فإن قال لها أنت طالق ، ثم طالق ، ثم طالق؟ قال واحدة. قال فإن قال لها أنت طالق ، وطالق ، وطالق؟ قال واحدة. قال الكسائي يا أمير المؤمنين أخطأ يعقوب في اثنتين ، وأصاب في اثنتين ، أما قوله أنت طالق طالق طالق فواحدة لأن الثنتين الباقيتين تأكيد ، كما يقول أنت قائم قائم قائم ،