الاسم على جميع كتب موسى ، واليهود يقولون (سفر طورا) فلمّا دخل هذا الاسم إلى العربية أدخلوا عليه لام التعريف التي تدخل على الأوصاف والنكرات لتصير أعلاما بالغلبة : مثل العقبة ، ومن أهل اللغة والتفسير من حاولوا توجيها لاشتقاقه اشتقاقا عربيا ، فقالوا : إنّ مشتق من الوري وهو الوقد ، بوزن تفعلة أو فوعلة ، وربّما أقدمهم على ذلك أمران : أحدهما دخول التعريف عليه ، وهو لا يدخل على الأسماء العجمية ، وأجيب بأن لا مانع من دخولها على المعرّب كما قالوا : الاسكندرية ، وهذا جواب غير صحيح ؛ لأنّ الإسكندرية وزن عربي ؛ إذ هو نسب إلى إسكندر ، فالوجه في الجواب أنّه إنّما ألزم التعريف لأنّه معرّب عن اسم بمعنى الوصف اسم علم فلمّا عربوه ألزموه اللام لذلك.
الثاني أنّها كتبت في المصحف بالياء ، وهذا لم يذكروه في توجيه كونه عربيا ، وسبب كتابته كذلك الإشارة إلى لغة إمالته.
وأما الإنجيل فاسم للوحي الذي أوحي به إلى عيسى عليهالسلام فجمعه أصحابه.
وهو اسم معرّب قيل من الرومية وأصله (إثانجيليوم) أي الخبر الطيّب ، فمدلوله مدلول اسم الجنس ، ولذلك أدخلوا عليه كلمة التعريف في اللغة الرومية ، فلمّا عرّبه العرب أدخلوا عليه حرف التعريف ، وذكر القرطبي عن الثعلبي أنّ الإنجيل في السريانية ـ وهي الآرامية ـ (أنكليون) ولعلّ الثعلبي اشتبه عليه الرومية بالسريانية ، لأنّ هذه الكلمة ليست سريانية وإنّما لما نطق بها نصارى العراق ظنّها سريانية ، أو لعلّ في العبارة تحريفا وصوابها اليونانية وهو في اليونانية (أووانيليون) أي اللفظ الفصيح. وقد حاول بعض أهل اللغة والتفسير جعله مشتقا من النجل وهو الماء الذي يخرج من الأرض ، وذلك تعسّف أيضا. وهمزة الإنجيل مكسورة في الأشهر ليجري على وزن الأسماء العربية ؛ لأنّ افعيلا موجود بقلة مثل إبزيم ، وربّما نطق به بفتح الهمزة ، وذلك لا نظير له في العربية.
و (مِنْ قَبْلُ) يتعلّق ب (أَنْزَلَ) ، والأحسن أن يكون حالا أولى من التوراة والإنجيل ، و «هدى» حال ثانية. والمضاف إليه قبل محذوف منويّ معنى ، كما اقتضاه بناء قبل على الضم ، والتقدير من قبل هذا الزمان ، وهو زمان نزول القرآن.
وتقديم (مِنْ قَبْلُ) على (هُدىً لِلنَّاسِ) للاهتمام به. وأما ذكر هذا القيد فلكي لا يتوهّم أنّ هدى التوراة والإنجيل مستمرّ بعد نزول القرآن. وفيه إشارة إلى أنّها كالمقدّمات لنزول القرآن ، الذي هو تمام مراد الله من البشر (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [آل عمران : ١٩] فالهدى الذي سبقه غير تام.