والمجرور متعلق بفعل (رَضِيَ). وانتصب (قَوْلاً) على المفعولية لفعل «رضي» لأن (رَضِيَ) هذا يتعدى إلى الشيء المرضي به بنفسه وبالباء.
وجملة (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) مستأنفة بيانية لجواب سؤال من قد يسأل بيان ما يوجب رضى الله عن العبد الذي يأذن بالشفاعة فيه. فبيّن بيانا إجماليا بأن الإذن بذلك يجري على ما يقتضيه علم الله بسائر العبيد وبأعمالهم الظاهرة ، فعبر عن الأعمال الظاهرة بما بين أيديهم لأنّ شأن ما بين الأيدي أن يكون واضحا ، وعبر عن السرائر بما خلفهم لأنّ شأن ما يجعل خلف المرء أن يكون محجوبا. وقد تقدم ذلك في آية الكرسي ، فهو كناية عن الظاهرات والخفيات ، أي فيأذن لمن أراد تشريفه من عباده المقربين بأن يشفع في طوائف مثل ما ورد في الحديث «يخرج من النّار من كان في قلبه مثقال حبّة من إيمان» ، أو بأن يشفع في حالة خاصة مثل ما ورد في حديث الشفاعة العظمى في الموقف لجميع الناس بتعجيل حسابهم.
وجملة (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) تذييل للتعليم بعظمة علم الله تعالى وضآلة علم البشر ، نظير ما وقع في آية الكرسي.
وجملة (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) معطوفة على جملة (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) ، أي ظهر الخضوع في الأصوات والعناء في الوجوه.
والعناء : الذلة ، وأصله الأسر ، والعاني : الأسير. ولما كان الأسير ترهقه ذلة في وجهه أسند العناء إلى الوجوه على سبيل المجاز العقلي ، والجملة كلها تمثيل لحال المجرمين الذين الكلام عليهم من قوله ونحشر (الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) [طه : ١٠٢] ، فاللّام في (الْوُجُوهُ) عوض عن المضاف إليه ، أي وجوههم ، كقوله تعالى : (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) [النازعات : ٣٩] أي لهم. وأما وجوه أهل الطاعات فهي وجوه يومئذ ضاحكة مستبشرة.
ويجوز أن يجعل التعريف في (الْوُجُوهُ) على العموم ، ويراد ب (عَنَتِ) خضعت ، أي خضع جميع الناس إجلالا لله تعالى.
والحيّ : الذي ثبت له وصف الحياة ، وهي كيفية حاصلة لأرقى الموجودات ، وهي قوّة للموجود بها بقاء ذاته وحصول إدراكه أبدا أو إلى أمد ما. والحياة الحقيقية هي حياة الله تعالى لأنّها ذاتية غير مسبوقة بضدها ولا منتهية.