وذهب أبو عمرو بن العلاء والكسائي والليث وثعلب ونسبه في «الكشاف» إلى الكوفيين (وأبو عمرو بصري) أنها مركبة من أربع كلمات كلمة (ويل) وكاف الخطاب وفعل (اعلم) و (أن). وأصله : ويلك أعلم أنه كذا ، فحذف لام الويل وحذف فعل (اعلم) فصار (ويكأنّه). وكتابتها متصلة على هذا الوجه متعينة لأنها صارت رمزا لمجموع كلماته فكانت مثل النحت.
ولاختلاف هذه التقادير اختلفوا في الوقف فالجمهور يقفون على (وَيْكَأَنَّهُ) بتمامه والبعض يقف على (وي) والبعض يقف على (ويك).
ومعنى الآية على الأقوال كلها أن الذين كانوا يتمنون منزلة قارون ندموا على تمنيهم لما رأوا سوء عاقبته وامتلكهم العجب من تلك القصة ومن خفي تصرفات الله تعالى في خلقه وعلموا وجوب الرضى بما قدر للناس من الرزق فخاطب بعضهم بعضا بذلك وأعلنوه.
والبسط : مستعمل مجازا في السعة والكثرة.
و (يَقْدِرُ) مضارع قدر المتعدي ، وهو بمعنى : أعدى بمقدار ، وهو مجاز في القلة لأن التقدير يستلزم قلة المقدر لعسر تقدير الشيء الكثير قال تعالى (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) [الطلاق : ٧].
وفائدة البيان بقوله (مِنْ عِبادِهِ) الإيماء إلى أنه في بسطة الأرزاق وقدرها متصرف تصرف المالك في ملكه إذ المبسوط لهم والمقدور عليهم كلهم عبيده فحقهم الرضى بما قسم لهم مولاهم.
ومعنى (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا) : لو لا أن منّ الله علينا فحفظنا من رزق كرزق قارون لخسف بنا ، أي لكنا طغينا مثل طغيان قارون فخسف بنا كما خسف به ، أو لو لا أن منّ الله علينا بأن لم نكن من شيعة قارون لخسف بنا كما خسف به وبصاحبيه ، أو لو لا أن منّ الله علينا بثبات الإيمان.
وقرأ الجمهور (لَخَسَفَ بِنا) على بناء فعل «خسف» للمجهول للعلم بالفاعل من قولهم : لو لا أن منّ الله علينا. وقرأه يعقوب بفتح الخاء والسين ، أي لخسف الله الأرض بنا.
وجملة (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) تكرير للتعجيب ، أي قد تبين أن سبب هلاك