النساء الحافات بابنة فرعون حين كانت مع أترابها وداياتها على ساحل النيل كما جاء في الإصحاح الثاني من سفر الخروج.
واللام في (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا) لام التعليل وهي المعروفة عند النحاة بلام كي وهي لام جارة مثل كي ، وهي هنا متعلقة ب (التقطه). وحق لام كي أن تكون جارة لمصدر منسبك من (أن) المقدرة بعد اللام ومن الفعل المنصوب بها فذلك المصدر هو العلة الباعثة على صدور ذلك الفعل من فاعله. وقد استعملت في الآية استعمالا واردا على طريقة الاستعارة دون الحقيقة لظهور أنهم لم يكن داعيهم إلى التقاطه أن يكون لهم عدوّا وحزنا ولكنهم التقطوه رأفة به وحبا له لما ألقي في نفوسهم من شفقة عليه ولكن لما كانت عاقبة التقاطهم إياه أن كان لهم عدوّا في الله وموجب حزن لهم ، شبهت العاقبة بالعلة في كونها نتيجة للفعل كشأن العلة غالبا فاستعير لترتب العاقبة المشبهة الحرف الذي يدل على ترتيب العلة تبعا لاستعارة معنى الحرف إلى معنى آخر استعارة تبعية ، أي استعير الحرف تبعا لاستعارة معناه لأن الحروف بمعزل عن الاستعارة لأن الحرف لا يقع موصوفا ، فالاستعارة تكون في معناه ثم تسري من المعنى إلى الحرف فلذلك سميت استعارة تبعية عند جمهور علماء المعاني خلافا للسكاكي.
وضمير (لَهُمْ) يعود إلى آل فرعون باعتبار الوصف العنواني لأن موسى كان عدوا لفرعون آخر بعد هذا ، أي ليكون لدولتهم وأمتهم عدوا وحزنا فقد كانت بعثة موسى في مدة ابن فرعون هذا.
ووصفه بالحزن وهو مصدر على تقدير متعلق محذوف ، أي حزنا لهم لدلالة قوله لهم السابق. وليس هذا من الوصف بالمصدر للمبالغة مثل قولك : فلان عدل ، لأن ذلك إذا كان المصدر واقعا موقع اسم الفاعل فكان معنى المصدر قائما بالموصوف. والمعنى هنا : ليكون لهم حزنا. والإسناد مجاز عقلي لأنه سبب الحزن وليس هو حزنا.
وقرأ الجمهور (وَحَزَناً) بفتح الحاء والزاي. وقرأه حمزة والكسائي وخلف بضم الحاء وسكون الزاي وهما لغتان كالعدم والعدم.
وجملة (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ) إلى آخرها في موضع العلة لجملة (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) أي قدّر الله نجاة موسى ليكون لهم عدوّا وحزنا ، لأنهم كانوا مجرمين فجعل الله ذلك عقابا لهم على ظلمهم بني إسرائيل وعلى عبادة الأصنام.