(صفورة) فجاءته وهو لم يزل عن مكانه في الظل.
وذكر (تَمْشِي) ليبني عليه قوله (عَلَى اسْتِحْياءٍ) وإلا فإن فعل (جاءته) مغن عن ذكر (تَمْشِي).
و (عَلَى) للاستعلاء المجازي مستعارة للتمكن من الوصف. والمعنى : أنها مستحيية في مشيها ، أي تمشي غير متبخترة ولا متثنية ولا مظهرة زينة. وعن عمر بن الخطاب أنها كانت ساترة وجهها بثوبها ، أي لأن ستر الوجه غير واجب عليها ولكنه مبالغة في الحياء. والاستحياء مبالغة في الحياء مثل الاستجابة قال تعالى (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ) إلى قوله (لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) [النور : ٣١].
وجملة (قالَتْ) بدل من (جاءته). وإنما بيّنت له الغرض من دعوته مبادرة بالإكرام.
والجزاء : المكافأة على عمل حسن أو سيّئ بشيء مثله في الحسن أو الإساءة ، قال تعالى (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [الرحمن : ٦٠] وقال تعالى (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) [سبأ : ١٧].
وتأكيد الجملة في قوله (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ) حكاية لما في كلامها من تحقيق الخبر للاهتمام به وإدخال المسرة على المخبر به.
والأجر : التعويض على عمل نافع للمعوض ، ومنه سمي ثواب الطاعات أجرا ، قال تعالى (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) [محمد : ٣٦]. وانتصب (أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا) على المفعول المطلق لبيان نوع الجزاء أنه جزاء خير ، وهو أن أراد ضيافته ، وليس هو من معنى إجارة الأجير لأنه لم يكن عن تقاول ولا شرط ولا عادة.
والجزاء : إكرام ، والإجارة : تعاقد. ويدل لذلك قوله عقبه (قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) [القصص : ٢٦] فإنه دليل على أن أباها لم يسبق منه عزم على استئجار موسى. وكان فعل موسى معروفا محضا لا يطلب عليه جزاء لأنه لا يعرف المرأتين ولا بيتهما ، وكان فعل شعيب كرما محضا ومحبة لقري كل غريب ، وتضييف الغريب من سنة إبراهيم فلا غرو أن يعمل بها رجلان من ذرية إبراهيم عليهالسلام.
و (ما) في قوله (ما سَقَيْتَ لَنا) مصدرية ، أي سقيك ، ولام (لَنا) لام العلة.