والكافر جرى على عادة القرآن في تعقيب القصص والأمثال بالتنبيه إلى مغازيها ومواعظها.
فالمقصود بالخبر هو قوله : (إِنَّا جَعَلْناها) ، أي شجرة الزقوم (فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) إلى آخرها. وإنما صيغ الكلام على هذا الأسلوب للتشويق إلى ما يرد فيه.
والاستفهام مكنى به عن التنبيه على فضل حال المؤمن وفوزه وخسار الكافر. وهو خطاب لكل سامع.
والإشارة ب (أَذلِكَ) إلى ما تقدم من حال المؤمنين في النعيم والخلود ، وجيء باسم الإشارة مفردا بتأويل المذكور ، بعلامة بعد المشار إليه لتعظيمه بالبعد ، أي بعد المرتبة وسموّها لأن الشيء النفيس الشريف يتخيل عاليا والعالي يلازمه البعد عن المكان المعتاد وهو السفل ، وأين الثريا من الثرى.
والنزل : بضمتين ، ويقال : نزل بضم وسكون هو في أصل اللغة : المكان الذي ينزل فيه النازل ، قاله الزجاج. وجرى عليه صاحب «اللسان» وصاحب «القاموس» ، وأطلق إطلاقا شائعا كثيرا على الطعام المهيّأ للضيف لأنه أعدّ له لنزوله تسمية باسم مكانه نظير ما أطلقوا اسم السكن بسكون الكاف على الطعام المعدّ للساكن الدار إذ المسكن يقال فيه : سكن أيضا. واقتصر عليه أكثر المفسرين ولم يذكر الراغب غيره. ويجوز أن يكون المراد من النزل هنا طعام الضيافة في الجنة. ويجوز أن يراد به مكان النزول على تقدير مضاف في قوله : (أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) بتقدير : أم مكان شجرة الزقوم.
وعلى الوجهين فانتصاب (نُزُلاً) على الحال من اسم الإشارة ومتوجه الإشارة بقوله : (ذلِكَ) إلى ما يناسب الوجهين مما تقدم من قوله : (رِزْقٌ مَعْلُومٌ* فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [الصافات : ٤١ ـ ٤٣].
ويجري على الوجهين معنى معادل الاستفهام فيكون إمّا أن تقدّر : أم منزل شجرة الزقوم على حدّ قوله تعالى : (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) [مريم : ٧٣] فقد ذكر مكانين ، وإما أن نقدر : أم نزل شجرة الزقوم ، وعلى هذا الوجه الثاني تكون المعادلة مشاكلة تهكما لأن طعام شجرة الزقوم لا يحق له أن يسمى نزلا.
وشجرة الزقوم ذكرت هنا ذكر ما هو معهود من قبل لورودها معرفة بالإضافة ولوقوعها في مقام التفاوت بين حالي خير وشر فيناسب أن تكون الحوالة على مثلين معروفين ، فأما أن يكون اسما جعله القرآن لشجرة في جهنم ويكون سبق ذكرها في (ثُمَ