عجزها.
وقال ابن كثير في «تفسيره» «قال قتادة : والعرب تقول لمن تفكر : نظر في النجوم ، يعني قتادة : أنه نظر إلى السماء متفكرا فيما يلهيهم به» اه. وفي «تفسير القرطبي» عن الخليل والمبرد : يقال للرجل إذا فكر في شيء يدبره : نظر في النجوم ، أي أنه نظر في النجوم ، مما جرى مجرى المثل في التعبير عن التفكير لأن المتفكر يرفع بصره إلى السماء لئلا يشتغل بالمرئيات فيخلو بفكره للتدبر فلا يكون المراد أنه نظر في النجوم وهي طالعة ليلا بل المراد أنه نظر للسماء التي هي قرار النجوم وذكر النجوم جرى على المعروف من كلامهم.
وجنح الحسن إلى تأويل معنى النجوم بالمصدر أنه نظر فيما نجم له من الرأي ، يعني أن النجوم مصدر نجم بمعنى ظهر.
وعن ثعلب : نظر هنا تفكر فيما نجم من كلامهم لما سألوه أن يخرج معهم إلى عيدهم ليدبر حجة.
والمعنى : ففكر في حيلة يخلو له بها بدّ أصنامهم فقال : (إِنِّي سَقِيمٌ) ليلزم مكانه ويفارقوه فلا يريهم بقاؤه حول بدّهم ثم يتمكن من إبطال معبوداتهم بالفعل. والوجه : أن التعقيب الذي أفادته الفاء من قوله : (فَنَظَرَ) تعقيب عرفي ، أي لكل شيء نحسبه فيفيد كلاما مطويا يشير إلى قصة إبراهيم التي قال فيها : (إِنِّي سَقِيمٌ) والتي تفرع عليها قوله تعالى : (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ) [الذاريات : ٢٦] إلخ.
وتقييد النظرة بصيغة المرة في قوله : (نَظْرَةً) إيماء إلى أن الله ألهمه المكيدة وأرشده إلى الحجة كما قال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ) [الأنبياء : ٥١].
وقوله : (إِنِّي سَقِيمٌ) عذر انتحله ليتركوه فيخلو ببيت الأصنام ليخلص إليها عن كثب فلا يجد من يدفعه عن الإيقاع بها. وليس في القرآن ولا في السنة بيان لهذا لأنه غني عن البيان. وذكر المفسرون أنه اعتذر عن خروجه مع قومه من المدينة في يوم عيد يخرجون فيه فزعم أنه مريض لا يستطيع الخروج فافترض إبراهيم خروجهم ليخلو ببدّ الأصنام وهو الملائم لقوله : (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ).
والسقيم : صفة مشبهة وهو المريض كما تقدم في قوله : (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الصافات: ٨٤]. يقال : سقم بوزن مرض ، ومصدره السّقم بالتحريك ، فيقال : سقام وسقم بوزن قفل.