يجوز فيمن كان عاصيا أن يقتل ولا أن يرمى به في النار والبحر. وإنما تجري عليه الحدود والتعزير على مقدار جنايته. وظنّ بعض الناس أن البحر إذا هال على القوم فاضطروا إلى تخفيف السفينة أن القرعة تضرب عليهم فيطرح بعضهم تخفيفا ، وهذا فاسد فلا تخفّف برمي بعض الرجال وإنما ذلك في الأموال وإنما يصبرون على قضاء الله. وكانت في شريعة من قبلنا القرعة جائزة في كل شيء على العموم. وجاءت القرعة في شرعنا على الخصوص في ثلاثة مواطن :
الأول : كان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه.
الثاني : أن النبي صلىاللهعليهوسلم رفع إليه أن رجلا أعتق في مرض موته ستة أعبد لا مال له غيرهم فأقرع بين اثنين ـ وهما معادل الثلث ـ وأرقّ أربعة.
الثالث : أن رجلين اختصما إليه في مواريث درست ، فقال : اذهبا وتوخيا الحق واستهما وليحلل كل واحد منكما صاحبه.
واختلف علماؤنا في القرعة بين الزوجات عند الغزو على قولين : الصحيح منهما الاقتراع ، وبه قال أكثر فقهاء الأمصار ، وذلك لأن السفر بجميعهن لا يمكن واختيار واحدة منهن إيثار فلم يبق إلا القرعة.
قال القرافي في «الفرق» (٢٤٠) : متى تعينت المصلحة أو الحق في جهة لا يجوز الاقتراع لأن في القرعة ضياع الحق ومتى تساوت الحقوق أو المصالح فهذا موضع القرعة دفعا للضغائن فهي مشروعة بين الخلفاء إذا استوت فيهم الأهلية للولاية والأئمة والمؤذنين إذ استووا والتقدم للصف الأول عند الازدحام وتغسيل الأموات عند تزاحم الأولياء وتساويهم وبين الحاضنات والزوجات في السفر والقسمة والخصوم عند الحكام في عتق العبيد إذا أوصى بعتقهم في المرض ولم يحملهم الثلث. وقاله الشافعي وابن حنبل. وقال أبو حنيفة : لا تجوز القرعة (بينهم). ويعتق من كل واحد ثلثه ويستسعى في قيمته ووافق في قيمة الأرض. قال : والحق عندي أنها تجري في كل مشكل ا. ه. قلت : وفي «الصحيح» «عن أم العلاء الأنصارية أنه لما اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين وقع في سهمهم عثمان بن مظعون» الحديث. وقال الجصاص : (احتج بهذه الآية بعض الأغمار في إيجاب القرعة في العبيد يعتقهم المريض. وذلك إغفال منه لأن يونس ساهم في طرحه في البحر وذلك لا يجوز عند أحد من الفقهاء كما لا تجوز القرعة في قتل من خرجت