ولكلّ عين من أعيان الموجودات أيضا كمال لا يحصل لتلك العين إلّا بالوجود المستفاد من الحقّ ، فإمّا في بعض المراتب الوجوديّة وبحسب بعض المواطن ، أو في جميع المراتب وبحسب جميع المواطن لكن مبدأ هذا السؤال ومنشأه من مرتبة الأسماء ؛ إذ الاسم عند المحقّقين من وجه هو المسمّى ، كما نبّهت عليه آنفا وفي سرّ الحروف مع النفس الذي نسبتها إليه نسبة الأسماء إلى المسمّى والحكم هي كالحكم ، والمسمّى عالم بذاته ولوازمها أزلا بخلاف أعيان الموجودات ؛ فإنّ وجودها حادث ، فلا يصحّ لها في العدم (١) علم ؛ لانتفاء الشروط التي يتوقّف حصول العلم عليها ، كالوجود والحياة ، فلا يكون لها الأوّليّة إذا في مقام الطلب ؛ إذ طلب المجهول لمن هو عنده مجهول حال جهله به ومن حيث ما يجهله لا يصحّ البتّة.
والمتعيّن بالسؤال الغيبي ـ المشار إليه من حضرة الجمع بالنسبة إلى كلّ اسم ـ هو ما يقتضيه أحكام ذلك الاسم من نسب مرتبة الإمكان المرتبطة ببعض الأعيان الممكنة التي هي محلّ ظهور حكم ذلك الاسم.
والمتعيّن لكلّ جنس وصنف من أجناس العلم وأصنافه وأنواعه ـ من الأسماء التي هي تحت حيطة حضرة الجمع وأحكامها ـ هو ما يستدعيه استعداد ذلك النوع والصنف والجنس وما كان من نسب الحضرة المتعيّنة بسرّ الربوبيّة في مرتبة ذلك النوع أو تلك الحقيقة الكونيّة المستدعية والمعيّنة له ، فيظهر بهذا التعيّن والاستدعاء سلطنة الاسم «الله» و «الرّحمن» على الحقيقة الكونيّة بنفوذ الحكم فيها ، فيصحّ الربوبيّة لهذين الاسمين جمعا وفرادى من حيث تلك النسبة على تلك الحقيقة ، فيظهر بحسب الأثر المشهود في الحقيقة القابلة له اسم يضاف إلى الحقّ من حيث مرتبة أحد الاسمين : الاسم «الله» و «الرّحمن» كما نبّه سبحانه على ذلك بقوله : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٢) فافهم هذا السرّ ؛ فإنّه في غاية الشرف والغموض.
فالكلّ للكمال طالب ، وما ثمّ عائق من خارج ؛ فإنّه ما ثمّة إلّا حضرة (٣) الأسماء
__________________
(١) في بعض النسخ : القدم.
(٢) الإسراء (١٧) الآية ١١٠.
(٣) الحضرة.