فأوّل المراتب والاعتبارات العرفانيّة المحقّقة لغيب الهويّة الاعتبار المسقط لسائر الاعتبارات ، و (١) هو الإطلاق الصرف عن القيد والإطلاق ، وعن الحصر في أمر من الأمور الثبوتيّة والسلبيّة كالأسماء والصفات ، وكلّ ما يتصوّر ويعقل ويفرض بأيّ وجه تصوّر ، أو تعقّل أو فرض.
وليس لهذا المقام لسان ، وغاية التنبيه عليه هذا ومثله ، ثم اعتبار علمه نفسه بنفسه وكونه هو لنفسه هو ، فحسب ، من غير تعقّل تعلّق ، أو اعتبار حكم ، أو تعيّن أمر ثبوتي أو سلبي ـ كائنا ما كان ـ ممّا يعقله غيره بوجه من الوجوه ما عدا هذا الاعتبار الواحد المنفيّ حكمه عن سواه. ومستند الغنى (٢) والكمال الوجودي الذاتي والوحدة الحقيقيّة الصرفة قوله (٣) : «كان الله ولا شيء معه» ونحو ذلك من الأمر الذي يضاف إليه ، هذا الاعتبار الثاني.
ويليه مرتبة شهوده سبحانه نفسه بنفسه في مرتبة ظاهريّته الأولى بأسمائه الأصليّة ، وذلك أوّل مراتب الظهور بالنسبة إلى الغيب الذاتي المطلق ، وقد أشرت إليه ، وجميع ما مرّ ذكره من التعيّنات إلى هنا (٤) هي تعيّنات الظاهر بنفسه لنفسه على النحو المشار إليه قبل أن يظهر للغير عين أو يبدو لمرتبته حكم ، فافهم.
واستخلص المقصود من الكلام غير متقيّد (٥) بالألفاظ كلّ التقيّد ؛ فإنّها أضيق ما يكون ، وأضعف في مثل هذا المقام و (٦) الإفصاح عن كنهه على ما هو عليه ، فمن خرق له حجابها ، استشرف من هذا الباب على العجب العجاب. و (٧) الله المرشد بالصواب.
ثم نقول : ويلي ما ذكرنا مرتبة شهود الظاهر نفسه في مرتبة سواه من غير أن يدرك (٨) ذلك الغير نفسه ، وما ظهر من الأمر به أو له ؛ لقرب نسبته وعهده ممّن امتاز عنه ، ولغلبة حكم الغيب المطلق ، والتجلّي الوحداني المذكور عليه ، وهذا صفة المهيّمين في جلال جمال الحقّ وحالهم (٩) ، ثم ظهر حكم تعلّق الإرادة بنسبتي التفصيل والتدبير ، لإيجاد عالم التدوين
__________________
(١) في بعض النسخ : لم يرد.
(٢) ق : «الغنى و».
(٣) ه : وقوله.
(٤) ب : هي هنا.
(٥) ب : مقيّد.
(٦) ق : لم يرد.
(٧) في بعض النسخ : لم يرد.
(٨) ب : يذكرك.
(٩) ق : حالتهم.