مستجنّة في غيب الحقّ ، وكانت من حيث التعدّد النسبي مغايرة للأحديّة التي هي أقرب النعوت نسبة إلى إطلاق الحقّ وسعته وغيبه (١) ، كانت معقوليّة النسبة ـ الجامعة لتعيّناتها وأحكامها المتعددة المختصة بها ، من حيث تساوي قبولها للظهور بالتعين واللاظهور بالنظر إليها ـ مسمّاة بمرتبة الإمكان ، والكثرة صفة لازمة لها لزوم الزوجيّة للأربعة ، كما مرّ.
فظهر التغاير بين مرتبتها وبين مرتبة الوحدانيّة من هذا الوجه ، فتعلّقت المشيئة بتميّز (٢) مقام الوحدانيّة عمّا لا يناسبها من الوجه المغاير ، وهو أحد حكمي الوحدة التي هي منشأ الكثرة المذكورة فإنّ المغايرة غير حاصلة من الوجه الآخر المختصّ بالحضرة العلميّة الذاتيّة الغيبيّة ؛ لعدم التعدد هناك ، ولهذا ما برحت الأشياء من حيث حقائقها في الغيب ، ولم تفارق الحضرة العلميّة من الوجه الذي لا يتعدّد لنفسها ولا يتكثّر وجودها ، وامتازت باعتبار آخر للمغايرة المذكورة ، فظهر بالإيجاد كمال مرتبة الوحدانيّة بانفصال ما قويت نسبته من الكثرة عنها ، وسرى حكم الوحدانيّة في كلّ نسبة من نسب الكثرة من الوجه الذي تكثّرت به ، وظهر سلطان الأحديّة على الكثرة (٣) ، فعلم كلّ متكثّر أنّه من الوجه غير متكثّر ، وكثير ، وأنّ لكلّ موصوف بالكثرة أحديّة تخصّه ، وظهر لمجموع أجزاء الكثرة أحدية مساوية للأحديّة المنفيّ (٤) عنها التعدّد ، فاتّصل الأمر بعد بلوغ الكثرة إلى غايتها بالأصل الذي منه انبعث الوحدة والكثرة ، وما تعيّن وظهر بهما فهو (٥) الغيب الإلهي ، معدن سائر التعيّنات ، منبع (٦) جميع التعدّدات الواقعة في الحسّ وفي العقول والأذهان ، فافهم.
ثم نقول : فلمّا امتاز الاسم «الظاهر» من الغيب المطلق حاملا صورة الكثرة المعبّر عنها بالإمكان ، وتميّزت مرتبته في العماء الذي هو منزل التدلّي النكاحي الغيبي ومحلّ نفوذ الاقتدار ، انفصل مع الاسم «الظاهر» سائر التوابع واللوازم المنضافة إليه ، فشهد الحقّ نفسه بنفسه في مرتبة ظاهريّته الأولى الممتازة من غيب باطنه وهويّته ، فظهرت ذاته له بأسمائه الذاتيّة ونسبها الأصليّة الظاهر تعيّنها بحكم المقام الأحدي الذاتي ، والتعيّن الأوّل الذي هو الحدّ المذكور ، وذلك في حضرة أحديّة الجمع الذي هو العماء.
__________________
(١) ق : غيبه و.
(٢) ق : تمييز.
(٣) ق : كثرة.
(٤) في بعض النسخ : المنافي.
(٥) ق : وهو.
(٦) ق : ومنبع.