الغيبيّة الإجماليّة المودعة في ذاته ليفصلها فيما يظهر منه بتوسّط مرتبة (١) وبدونها ، فلمّا كان هو ثمرة التوجّه المقدّم ذكره ، ظهر مشتملا على خاصيتي الجمع والأحديّة ، كما نبّهت عليهما (٢) ، وظهر به سرّ التربيع من حيث التثنية الظاهرة في وجوده ، التالية للمقام الأحدي المذكور من حيث التثنية المعقولة في التوجّه المنبّه عليه ، المنتج له ، لكن لمّا كان الواحد من هذه الأربعة هو (٣) السرّ الذاتي الجمعي ـ وهو ساري الحكم في كلّ شيء من المراتب والموجودات ، فلا يتعيّن له نسبة ولا مرتبة مخصوصة ـ كان الأمر في التحقّق مثلّثا ، وذلك سرّ الفرديّة الأولى (٤) المشار إليه من قبل ، فلمّا انتهى حكم الإرادة بنفوذ حكمها من هذا الوجه ، وظهر القلم الذي كان متعلّقها ، تعيّنت نسبة أخرى بتوجّه ثان من حيث التعيّن لا من حيث الحقّ ؛ فإنّ أمره واحد ، فظهر وتعيّن من الغيب تجلّ (٥) ذو حكمين : أحدهما : الحكم الذاتي الأحدي الجمعي ، والآخر من حيث انصباغ عين ذلك الحكم بما مرّ عليه وامتاز عنه وهو القلم ، فتعيّن بحكم التثليث المذكور في المرتبة التالية لمرتبة القلم وجود اللوح المحفوظ حاملا سرّ التربيع ؛ لأنّه انضاف إلى حكم التثليث المشار إليه حكم المرتبة اللوحيّة ، فحصل تربيع تابع للتثليث فتعيّنت المرتبة الجامعة لمراتب الصور والأشكال ، أعني التثليث والتربيع.
وظهر في اللوح تفصيل الكثرة التي حواها العماء ، فكملت مظهريّة الاسم «المفصّل» كما كملت بالقلم ـ المذكور شأنه ـ مظهريّة الاسم «المدبّر» من حيث اشتماله على خاصيّتي الجمع والأحديّة المنبّه عليهما.
ثم تعيّنت مرتبة الطبيعة باعتبار ظهورها من حيث حكمها في الأجسام ، وللطبيعة هنا ظاهريّة الأسماء الأول الأصليّة التي سبق التنبيه عليها.
ثم تعيّنت مرتبة الهيولى المنبّهة على الإمكان الذي هو مرتبة العالم.
وبه وبالجسم الذي تعيّنت به مرتبة بعد هذه المرتبة الهيولانيّة ـ ظهر سرّ التركيب
__________________
(١) ق : مرتبته.
(٢) في بعض النسخ : عليها.
(٣) ق : و.
(٤) ق : الأوّل.
(٥) ه : تجلّي.