ممّا ذكرنا ، ولا يصحّ عليه حكم سلبي أو إيجابي أو جمع بينهما أو تنزّه عنهما ، بل لا لسان لهذا المقام ولا حكم عليه ، كما تقرّر ذلك من قبل وتكرّر.
وقد بيّنّا أيضا فيما مرّ أنّ إدراك حقائق الأشياء من حيث بساطتها ووحدتها متعذّر ؛ لأنّ الواحد والبسيط لا يدركه إلّا واحد (١) وبسيط ، ويتعذّر إدراكنا شيئا من حيث أحديّتنا ؛ لما سلف ، ولا خلاف في أحديّة الحقّ وتجرّده من حيث ذاته وعدم تعلّقه بشيء تجرّدا يعلو على (٢) كلّ تجرّد وبساطة ،
فإذا عجزنا عن إدراك حقائق الأشياء في مقام تجرّدها ـ والمناسبة ثابتة بيننا من عدّة وجوه مع عدم خلّوها عن التعلّق والقيود ـ فلأن نعجز عن إدراك حقيقة الحقّ وضبطها أولى وإذا ثبت عجزنا عن التحقّق بمعرفتها ، ـ وإن شهدناها ـ فتسميتنا (٣) لها باسم يدلّ عليها بالمطابقة دون استلزامه معنى زائدا على كنه الحقيقة متعذّرة ضرورة.
فإن قيل : هب أنّه يستحيل أن نضع لذات الحقّ اسما علما مطابقا كما ذكرت ولكن لم لا يجوز أن يسمّي الحقّ نفسه باسم يدلّ على ذاته بالمطابقة ، ثم يعرّفنا بذلك ، فنعرف ذلك الاسم وحكمه بتعريفه كون هو المسمّي نفسه على ما يعلمها لا نحن؟
فنقول : الجواب عن هذا من وجهين. أحدهما الاستقراء (٤) ، فإنّ هذا النوع لم نجده في الأسماء ، ولا نقل إلينا عن الرسل الذين (٥) هم أعلم الخلق بالله ، وسيّما نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله الذي نعتقد أنّه أكمل الرسل وأعلمهم صلىاللهعليهوآله. ولو كان لنقل إلينا ، وكيف لا؟ ومثل هذا من أهمّ ما يخبر به ، وأعزّه وأنفعه ، سيّما فيما يرجع إلى الالتجاء إلى الله والتضرّع في المهمّات إليه ، وخصوصا والنبيّ صلىاللهعليهوآله يقول في دعائه : «اللهمّ إنّي أسألك بكلّ اسم سمّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علّمته أحدا من عبادك ، أو استأثرت به في علم غيبك (٦).
فهذا ممّا يستروح منه أنّ السؤال من الحقّ بأعزّ أسمائه وأحقّها (٧) نسبة إليه أنفع للسائل وآكد في أسباب الإجابة ونيل المراد ، وأحقّ الأسماء نسبة إليه سبحانه ما كملت دلالته
__________________
(١) ب : أو.
(٢) ق : عن ، ب : على.
(٣) ق : فتسميتها.
(٤) ب : الاستقرار.
(٥) ق : الذي.
(٦) ر. ك : معجم مستدرك الوسائل ، ج ٩ ، ص ٤٢٦.
(٧) ق : أحبّها.