عليه وتوحّد معناه دون مشاركة في المفهوم منه وحيث لم نجد ذلك مع مسّ الحاجة إليه والاسترواح الحاصل من مفهوم الدعاء النبوي دلّ على عدم ظهور هذا الاسم من الحقّ ، فهو إمّا أمر متعذّر في نفسه ، أو هو ممّا استأثر به الحقّ في علم غيبه ، كما أخبر صلىاللهعليهوآله.
ولو أمكن حصوله لأحد من الخلق لحصل لنبيّنا صلىاللهعليهوآله ؛ فإنّه أكرم الخلق على الله ، وأتمّهم استعدادا في قبول فيضه والتلقّي منه ، ولهذا منح علم الأوّلين والآخرين ، فلو حصل له هذا الاسم ـ مع ما تقرّر أنّ مثل هذا يكون أجلّ الأسماء وأشرفها وأكملها ؛ لكمال مطابقة الذات واختصاصه بكمال الدلالة عليها ، دون تضمّنه معنى آخر يوهم اشتراكا ، أو يفهم تعدّدا أو كثرة أو غير ذلك ـ لم يحتج أن يقول صلىاللهعليهوآله في دعائه : «أو علّمته أحدا من عبادك ، أو استأثرت به في علم غيبك» ؛ فإنّ من ظفر بأجلّ ما يتوسّل به إلى الحقّ ويرغب به إليه ، استغنى عن التوسّل بغيره ، سيّما على سبيل الإجمال والإبهام ، لعلوّ هذا الاسم على ما سواه من الأسماء ؛
فلمّا استعمل صلىاللهعليهوآله في دعائه التقاسيم المذكورة عملا بالأحوط ، وأخذا بالأولى والأحقّ ، (١) علم أنّه لم يكن متعيّنا عنده.
فإن قيل : قد رأينا من عباد الله ـ وسمعنا أيضا عن جماعة ـ أنّهم عرفوا اسما ، أو أسماء للحقّ ، فتصرّفوا بها في كثير من الأمور ، وكانوا يدعون الحقّ بذلك فيما يعنى لهم ، فلم تتأخّر إجابته إيّاهم فيما سألوا ، وهذا مستفيض وصحيح عند المحقّقين من أهل الله ، ومن هذا القبيل مسألة بلعام في دعوته على موسى عليهالسلام وقومه بالاسم ، حتى ماتوا في التّيه بعد أن بقوا فيه حيارى ما شاء الله من السنين ، وقد ذكر ذلك جماعة من المفسّرين في (٢) معنى قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا) (٣) هذا ، مع أنّ بلعام من الغاوين كما أخبر الله. ومع ذلك نفذت دعوته في موسى عليهالسلام وقومه ؛ لخاصية الاسم.
فنقول في جواب ذلك : نحن لم نمنع أن يكون للحقّ اسم أو أسماء يتصرّف بها في الوجود من مكّنه الحقّ منها وعرّفه بشيء منها ، بل نتحقّق ذلك ونتيقّنه ، وإنّما منعنا عموم نفوذ حكم
__________________
(١) ق : إلّا خلق.
(٢) ق : من.
(٣) الأعراف (٧) الآية ١٧٥.