الاسم ، وأن يكون دلالته على ذات الحقّ بالمطابقة التامّة ، دون تضمّنه معنى آخر غير الذات ، كالصفات والأفعال ونحو هما ، وما ذكرتم لا ينافي ما قرّرناه ، فاعلم ذلك.
والجواب الآخر : أنّ التعريف الواصل إلينا من الحقّ بهذا الاسم لا يمكن أن يكون بدون واسطة أصلا ، ونحن نبيّن ذلك ونقرّره باللسان الشرعي والذوقي.
أمّا الشرعي فقوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) (١) الآية.
وأمّا الذوقي فإنّ أقلّ ما يتوقّف عليه الخطاب حجاب واحد ، وهو نسبة المخاطبة ، الحاصلة بين المخاطب والمخاطب ، والخطاب من أحكام التجلّي ولوازمه ، والتجلّي لا يكون إلّا في مظهر ، وأحكام التجلّي تابعة للمظاهر وأحوالها فإنّه قد بيّنّا أنّ تجلّي الحقّ وخطابه وإن كان واحدا ، فإنّه ينصبغ بحكم ما يصل إليه ويمرّ عليه ، والمخاطب مقيّد باستعداد خاصّ ومرتبة وروحانيّة وحال وصورة وموطن وغير ذلك. ولكلّ ممّا (٢) ذكرنا أثر فيما يرد من الحقّ.
فإذا ما يرد علينا ويصل إلينا ، لم يبق على ما كان عليه ، ولم يصحّ إدراكنا له بحسبه ، بل بحسبنا.
ثم لو فرضنا أنّه لم يلحق ذلك الخطاب تغيّر من حيث القابل ونسبته ، (٣) كما صحّ وثبت ، لكان (٤) مجرّد تقيّده (٥) بالصفة الخطابيّة اختصاصها بمخاطب واحد أو مخاطبين مخرجا له عمّا كان عليه من الإطلاق والتجريد التامّ ، الذي يقتضيه الحقّ لذاته. فكيف؟
والأمر لا ينفكّ عن أحكام القيود المنبّه عليها وإذا كان الأمر على ذلك ، فلا مطابقة ؛ لأنّ المقيّد بعدّة اعتبارات وقيود لا يطابق المطلق التامّ الإطلاق والتجريد ، العاري عن كلّ نعت وصفة وحكم وقيد واعتبار وغير ذلك.
فإن ادّعى معرفة هذا الاسم بطريق الشهود من حيث أحديّة التجلّي والخطاب ، فنقول :
__________________
(١) الشورى (٤٢) الآية ٥١.
(٢) ق : ما.
(٣) ق : بسببه.
(٤) ب : لكن.
(٥) ق : تقييده.