ويستلزم ما ذكرنا حكم الاسم «الدهر» و «الشأن» و «الموطن» و «المقام» والسرّ الجامع بين سائرها ، واستلزمت هذه خمسة أخرى ، هي الشروط التابعة للخمسة المذكورة ، والمنشعبة منها : أحدها سلامة عقل المكلّف ، وسنّ التكليف ، والاستطاعة من صحّة ونحوها ، العلم المتوقّف على بلوغ الدعوة ، والدخول تحت حيطة أمر الوقت ، الإلهي من حيث تعيّنه كمواقيت الصلوات وصوم رمضان ، وأداء الزكاة في رأس الحول ، والحجّ في ذي الحجّة ونحو ذلك ، فكانت لما ذكرنا أركان الإسلام خمسة ، وكذلك الإيمان ، وكذا الأحكام الخمسة ، والعبادات الكلّيّة.
وحبّة المجازاة وبذرة شجرتها ومنبع أنهارها هو ما سلف في باب الفواتح من أنّ الأعيان الكونيّة لمّا كانت شرطا في تعيّن (١) أحكام الأسماء والصفات وظهور نسبة أكمليّتها في الوجود العيني بنفوذ أحكامها في القوابل ، ورجوع تلك الأحكام ـ بعد الظهور التفصيلي المشهود ـ إلى الحقّ على مقتضى معلوميّتها ومعقوليّتها باطنا في حضرة الحقّ ، اقتضى العدل والجود المحتويان أن عوّضت بالتجلّي الوجودي ، فظهرت به أعيانها لها ، ونفذ حكم بعضها في البعض بالحقّ ، جزاء تامّا وفضلا وعدلا شاملا عامّا ، فافهم هذا الأصل الشريف ؛ فإنّ جميع أنواع المجازاة الإجماليّة والتفصيليّة متفرّعة عنه وعن الأصل المتقدّم الذي بيّنت أنّه سبب التكليف ، وأنّ التكليف مجازاة أوجبها تقيّد الوجود بالأعيان على نحو ما مرّ ذكره ، فاذكر ، ترشد ، ـ إن شاء الله تعالى ـ
__________________
(١) ق : نفس.