عليّا عليهالسلام لمّا علّمه الدعاء ، وفيه : «اللهمّ اهدني وسدّدني» فقال له : «واذكر بهدايتك هداية الطريق ، وبالسداد سداد السهم» ، (١) فأمره باستحضار هذين الأمرين حال الدعاء ، فافهم هذا ، تلمح كثيرا من أسرار إجابة الحقّ دعاء الرسل والكمّل والأمثل فالأمثل من صفوته ، وأنّ صحّة التصوّر ، واستقامة التوجّه حال الطلب والنداء عند الدعاء شرط قوي في الإجابة.
وممّا ورد ما يؤيّد ما ذكرنا قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ في حديث طويل : «ولو عرفتم الله حقّ معرفته ، لزالت بدعائكم الجبال». (٢) فنبّه على ما ذكرنا. الأنّ الأتّم معرفة بالشيء أصحّ تصوّرا له ، كما نبّهت عليه قبل هذا.
وبيانه : أنّ من تصوّر المنادى المسؤول منه تصوّرا صحيحا عن علم ورويّة سابقين أو حاضرين حال الدعاء ، ثم كلّمه ودعاه ، وسيّما بعد أمره له بالدعاء والتزامه بالإجابة ، فإنّه يجيبه لا محالة. ومن زعم أنّه يقصد مناداة زيد والطلب منه وهو يستحضر غيره ويتوجّه إلى سواه ، ثم لم يجد الإجابة لا يلومنّ إلّا نفسه ؛ فإنّه ما نادى الآمر بالدعاء القادر على الإجابة والإسعاف ، وإنّما توجّه إلى ما استحضره في ذهنه وأنشأه من صفات تصوّراته بالحالة الغالبة عليه ، إذ ذاك لا جرم أنّ سؤاله لا يثمر ، وإن أثمر فبشفاعة حسن ظنّه بربّه وشفاعة المعيّة الإلهيّة وحيطته سبحانه ؛ لأنّه ـ تعالى شأنه ـ مع كلّ تصوّر ومتصوّر ومتصوّر.
فالمتوجّه المحكوم عليه بالخطاء مصيب من وجه ، فهو كالمجتهد المخطئ مأجور غير محروم بالكلّيّة ، فاعلم ذلك وتذكّر ما أسلفناه في هذا الباب ، تصب ـ إن شاء الله ـ
__________________
(١) جامع المسانيد ، ج ٢٠ ، ص ٢٦٦.
(٢) ر. ك : معجم مستدرك الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٣٠١.