والمنسوخ كلّ لسان وحكم متعيّن من الحقّ لطائفة خاصّة من حيث سلطنة الاسم يكون فلكه أصغر من فلك الشريعة (١) يظهر حكمه فيها ، وقد قدّر الحقّ انتهاء حكم ذلك الاسم قبل انتهاء دولة الشريعة التي تعيّن (٢) فيها ذلك الحكم والزمان ، فإذا ظهر سلطان ذلك (٣) الاسم المقابل للاسم الحاكم في الأمر المقابل للنسخ مع اندراجهما في حيطة الاسم الذي تستند (٤) إليه تلك الشريعة ، اندرج حكم الاسم المتقدّم من الاسمين المخاطبين في الاسم الآخر المتأخّر ، وظهرت سلطنة المتأخّر ودامت دوام دولته كما نبّه الحقّ على أصالة ذلك على لسان الرسول صلىاللهعليهوآله بقوله «إنّ رحمتي تغلب غضبي» (٥).
والمحكم هو البيّن بنفسه وما يقتضيه الحقّ لكونه إلها ، وما يقتضيه الكون ، لكونه مألوها.
والمتشابه ما يصحّ إضافته إلى الحقّ من وجه وإلى الكون من وجه آخر ، ويختلف الحكم باختلاف النسب والإضافات ، فافهم ، فقد نبّهتك على أصول الأحكام المشروعة في الحضرات الإلهيّة وعرّفتك بسرّ خطاب الحقّ عباده بألسنة الشرائع وبلسان شريعتنا المهيمنة (٦) على كلّ شريعة ، وذوق كلّ نبي ، فاعرف قدر ما نبّهت عليه ، وقدر النبيّ الذي انتسبت إليه ، وقم بحقوق شريعته ، فإنّه من قام بحقوق الشريعة المحمديّة القيام التامّ ، واستعمله الحقّ في (٧) وفاء آدابها ورعاية ما جاءت به على ما ينبغي ، جلّى له الحقّ ما استبطنه من الأسرار في جميع الشرائع المتقدّمة ، وتحقّق بها وبسرّ أمر الله فيها ، فحكم بها ، وظهر بأيّ حالة ووصف شاء من أوصافها مع عدم خروجه من حكم (٨) الشريعة المحمديّة المستوعبة (٩) المحيطة ، فإن ارتقى من آدابه وآداب شريعته الظاهرة إلى آدابه وآدابها الباطنة ، والتحم بروحانيّته ، والتحق بالصفوة من عترته والكمّل من إخوانه ، استطعم ما استطعموا ، وحكم في الأشياء وبها بما به حكموا ، و (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (١٠).
__________________
(١) ق : التي (فيه إضافة).
(٢) ق : يتعين.
(٣) ق : لا توجد.
(٤) ه : يستند.
(٥) كنوز الحقائق ، ج ١ ، ص ٢٩.
(٦) ق : المهيّمة.
(٧) ه : لا توجد.
(٨) ق : لا توجد.
(٩) المتبوعية.
(١٠) الحديد (٥٧) الآية ٢١ ؛ الجمعه (٦٢) الآية ٤.