الصفة الحاكمة عليه حين التجلّي الثاني ، الحاصل لدى الفتح ، بل المنتج له ، فالذي للعين الثابتة في التجلّي الأوّل تقييده بصفة التعيّن فقط ، والذي للصفة الغالبة الوجوديّة صبغ التجلّي بعد تعيّنه بوصف خاصّ يفيد حكما معيّنا أو أحكاما شتّى ، كما سبق التنبيه عليه.
فإذا حصل التوحيد (١) المذكور ، اندرجت تلك الأحكام المتعدّدة المنسوبة إلى الأحديّات والمتفرّعة منها في الأصل الجامع لها ، فانصبغ المحلّ والصفة الحاكمة بحكم التجلّي الأحدي الجمعي ، ثم ينصبغ التجلّي بحكم المحلّ.
ثم أشرق ذلك النور على الصفات والقوى ، وسرى حكمه فيها ، فتكتسى حالتئذ سائر حقائق ذات المتجلّى له وصفاته حكم ذلك التجلّي الوحداني ، وتنصبغ به انصباغا (٢) يوجب اضمحلال أحكام تلك الكثرة وإخفاءها دون زوالها بالكلّيّة ؛ (٣) لاستحالة ذلك.
ثم لا يخلو إمّا أن يتعيّن التجلي بحسب مرتبة الاسم «الظاهر» ، أو بحسب مرتبة الاسم «الباطن» أو بحسب مرتبة الاسم «الجامع» ؛ لانحصار كلّيّات مراتب التجلّي فيما ذكرنا.
فإن اختصّ بالاسم «الظاهر» وكان التجلّي في عالم الشهادة ، أفاد المتجلّى له رؤية الحقّ في كلّ شيء رؤية حال فظهر سرّ حكم التوحيد في مرتبة طبيعته وقواها الحسّيّة والخياليّة ، ولم يزهد في شيء من الموجودات.
وإن اختصّ بالاسم «الباطن» وكان إدراك المتجلّى له ما أدركه بعالم غيبه وفيه ، أفاده معرفة أحديّة الوجود ونفيه عن سوى الحقّ دون حال ، وظهر سرّ التوحيد والمعرفة اللازمة له في مرتبة عقله ، وزهد في الموجودات الظاهرة ، وضاق عنه كلّ كثرة وحكمها.
وإن اختصّ التجلّي بالاسم «الجامع» وأدركه المدرك من حيث مرتبته الوسطى الجامعة بين الغيب والشهادة وفيها ، استشرف على الطرفين ، وفاز بالجمع بين الحسنيين ، ولهذا المقام أحكام متداخلة وأسرار غامضة يفضي شرحها إلى بسط وتطويل ، فأضربت عن ذكرها طلبا للإيجاز. والله وليّ الهداية.
ثم نقول : وهذه التجلّيات هي تجلّيات الأسماء ، فإن لم يغلب على قلب المتجلّى له حكم
__________________
(١) ق : التوحد.
(٢) ب : انصباغات.
(٣) ق : الكليّة.