وصارت الحروف المنقوطة أربعة عشر ؛ إشارة وعلامة على مراتب السماوات السبع ، والعناصر الأربعة والمولّدات الثلاث ، والفلك الثامن هو البرزخ الجامع وهو الأعراف ، فافهم.
ولمّا كانت مرتبة الإمكان بما تحويه من الممكنات غيبا ولها الظلمة ، وكانت (١) الممكنات هي التي تتعيّن في النور الوجودي ويظهر أحكام بعضها للبعض بالحقّ وفيه ، وهو سبحانه لا قيد له ولا تميز (٢) ، كان المثال الواقع في الوجود مطابقا للأصل.
فالمداد مع الدواة نظير مرتبة الإمكان وما حوته من الممكنات من حيث إحاطة الحقّ بها وجودا وعلما. وحقائق الممكنات كالحروف الكامنة في الدواة ، كما نبّهت عليه في سرّ «كان الله ولا شيء معه» ونحوه (٣) عند قولي : «وليس لشيء (٤) في الغيب الذاتي الإلهي تعدّد ولا تعيّن وجودي». والورق وما يكتب فيه كانبساط النور الوجودي العامّ الذي تتعيّن فيه صور الموجودات. والكتابة سرّ الإيجاد والإظهار. والواسطة والآلة : القلم الإلهي. والكاتب : الحقّ من كونه موجدا وخالقا وبارئا ومصوّرا ، كما نبّهت عليه في سرّ التراكيب الستّة والتميّز (٥) والقدرة. ونظير الأنامل الثلاث الفرديّة الأولى التي وقع فيها وبها الإنتاج ، وقد مرّ ذكرها. والقصد : الإرادة. واستحضار ما يراد كتابته التخصيص الإرادي ، التابع للعلم المحيط بالمعلومات التي تظهر.
وكما أنّ استمداد العالم الكاتب هنا ما يريد كتابته يرجع إلى أصلين : أحدهما : العلم الأوّلي ، والثاني : الحسّي المستفاد من المحسوسات ، كذلك الأمر هناك ، فنظير الأوّلي (٦) علم الحق بذاته وعلمه بكلّ شيء من عين علمه بذاته. ونظير المستفاد من المحسوسات رؤيته سبحانه حقائق الممكنات (٧) في حضرة الإمكان ، وتعلّق العلم بها أزلا تعلّقا ذاتيّا ، وإبرازها في الوجود على حدّ ما علمت وبحسب ما كانت عليه ، وهذا سرّ تبعيّة علم العالم للمعلوم.
__________________
(١) ق : فكانت.
(٢) ق : تمييز.
(٣) ب : نحو ذلك.
(٤) ق : بشيء.
(٥) ق : واليمين.
(٦) ق : الأوّل.
(٧) ق : للممكنات.