(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) (١) وعرف سرّ «قف إنّ ربّك يصلّي» يعرف ما أومئ (٢) إليه.
ثم نرجع ونقول : ولمّا كانت الصور منقسمة إلى مركّبة وبسيطة بالنسبة ، وكان البسيط لتشابه أجزائه وعروه عن الكيفيّات المختلفة من حيث ذاته لا يظهر للتركيب (٣) فيه حكم محسوس ، بل يعقل ذلك فيه لا غير ، كانت الحروف المختصة به بحكم الأغلبيّة والمنضافة (٤) إليه خالية عن النقط ؛ لأنّ النقط وضعت للتعريف ، ونسبة هذه الحروف إلى الطبيعة والصور إنّما كانت من وجه واحد واكتفي (٥) في التنبيه على مرتبتها بمجرّد الصورة ، وعلى حكمها بالإعراب ، فحصل الاستغناء عن معرّف آخر.
ثم إنّ الحروف ـ التي هذا شأنها ـ في الاصطلاح أربعة عشر حرفا وفي قاعدة التحقيق اثنا عشر حرفا فحسب ؛ لأنّ أحدها الألف وليس هو عند المحقّقين بحرف تامّ ؛ فإنّه عبارة عن امتداد النفس دون تعيّنه بمقطع خاصّ في مخرج من المخارج ، فهو والهمزة عندهم حرف واحد ، كما سنشير إليه.
ولام ألف أيضا حرف مركّب من اللام والألف ، وله الدلالة على سرّ التركيب من حيث معقوليّته وعدم ظهور حكمه في المركّب ، وله التعريف بسرّ الارتباط الواقع بين الحضرتين : الإلهيّة والكونيّة ، والامتزاج الحاصل بين البسائط والمركّبات ، وله أيضا أسرار غير ما ذكرنا لا يقتضي الحال ذكرها.
ثم نقول : فالحروف الخالية عن النقط إذا اثنا عشر حرفا وتستند إلى البروج الاثني عشر المقدّرة المفروضة في العرش الذي هو أوّل الأجسام البسيطة وأعظمها صورة وحكما وإحاطة وعلامات البروج هي المنازل المشهودة في الفلك الثامن والمراتب المذكورة آنفا ، السارية الحكم في الحروف جميعها. (٦)
والموجودات أيضا اثنا عشر : الخمسة الأصليّة ، والاعتباران اللازمان لها ، والثلاثة التالية ، والاعتباران التابعان لها ، فصار المجموع اثني عشر.
__________________
(١) الأسرى (١٧) الآية ١.
(٢) ق : أومأنا.
(٣) ق : التركيب.
(٤) ب : المضافة.
(٥) ق : فاكتفى.
(٦) ق : جميعا.