ذكره في غير (١) موضع من هذا الكتاب ـ نبّه عليه من فوق لشمول حكمه.
وأمّا من تحت فلا ؛ لأنّه الأمر الإلهي الذي يغلب ولا يغلب ، ولهذا تجعل فوق النقطتين اللتين : إحداهما للروحانيّة ، والأخرى للطبيعيّة ، وترسمان في صفّ واحد إشارة إلى تساويهما من حيث إنّ كلّ واحدة منهما من وجه تفعل في الأخرى ، وتؤثّر فيها ، وتجعل الثالثة فوقهما ؛ لما بيّنّا.
والسرّ في أنّ الحكم الجمعي لا ينبّه عليه إلّا في الحرفين ـ وهما الثاء والشين ـ أنّ حكم الجمع الأحدي والاعتدال الوجودي في غير هاتين المرتبتين معقول غير مشهود ، ولهذا الاعتدال التامّ لا ينتج ولا يظهر له صورة ، وكذا الجمع الكلّي الشامل الحكم ، والكمال الذي لا أكمل منه ، لا يتعيّنان في الوجود ، وإنّما يشهد كلّ منهما بحسب المرتبة والمظهر الذي يظهر الكلّ فيه وبه ، لا بحسبه.
وأمّا سرّ دلالة النقط على المراتب ، والخطوط الإعرابيّة على الأحكام ، فهو أنّ النقطة أمر معقول غير مشهود مع أنّه أصل سائر الخطوط والسطوح والدوائر ، فيظهر به جميعها ، وهو من حيث هو لا يظهر. كذلك المراتب حقائق معقولة غير مشهودة ، وهي أصل كلّ ما يشهد ، والحاكمة عليه ، ولمّا كان الخطّ عبارة عن نقط متجاورة ، لذلك كان دليلا على الحكم ؛ لأنّ الحكم نسبة معقولة بين حاكم ومحكوم عليه ، وبالحركة الإيجاديّة يحصل الاتّصال ، فيظهر عين الحكم والحاكم من كونه حاكما ، والمحكوم به وعليه ، فافهم والله المرشد.
وأمّا سرّ التشديد فهو تلاقي حكم النسبة الجامعة من المراتب الثلاث لحكم مرتبة السكون الحيّ المختصّ بأحديّة الجمع الإلهي ، والظاهر منهما هو صاحب الأوّليّة ، فالحكم عين (٢) الظهور.
وأمّا سرّه في الموجودات فيعلم من نتيجة قرب النوافل وقرب الفرائض ، فقرب النوافل يختصّ بالطالبين ، وقرب الفرائض يختصّ بالمرادين المطلوبين. فإذا تعدّى المحقّق مقام «أو أدنى» وارتفع الخطّ الذي قسّم الدائرة قوسين ، فإنّ المطلوب يكون له الأوّليّة والظهور ، من حيث الحكم ، والطالب له الآخريّة ولوازمها ، ومن فهم سرّ
__________________
(١) في الأصل : غير ما موضع.
(٢) ق : في الحكم حين ، ه : في الحكم عين.