ذكرنا في ما سبق كيف اجتهد الخلفاء بعد رسول الله في أحكام الإسلام حكما بعد حكم بما رأوا فيه مصلحة عامّة أو مصلحة خاصّة ممّا حفلت بذكره كتب الخلاف وأوردنا بعضها في ما سبق ، وإلى جانب ذلك وجّه المسلمون توجيها خاصّا إلى تقديس مقام الخليفتين أبي بكر وعمر خاصة بحيث أصبح مستساغا لدى عامّتهم أن يشترط في البيعة بعد الخليفة عمر : العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه وسيرة الشيخين ، وبذلك أقرّ المسلمون أن تكون سيرة الشيخين في عداد كتاب الله وسنة نبيّه ، مصدرا للتشريع في المجتمع الإسلامي ، واستمرّ الأمر كذلك حتى إذا جاء إلى الحكم الإمام علي (ع) بقوة الجماهير بعد عثمان ، لم يستطع أيضا أن يعيد إلى المجتمع الأحكام الإسلامية الّتي اجتهد فيها الخلفاء ، وتعالت صيحات : وا سنّة عمراه ، من جيشه عند ما نهاهم عن إقامة صلاة النافلة جماعة في شهر رمضان ، ولم يرضوا بسنّة الرسول بديلا عن سنّة عمر في هذا الحكم ، ذلك لأن الجماهير المسلمة عند ما بايعته لم تكن تدرك أنّه مخالف في اتّجاهه في الحكم سيرة الشيخين ، وهذا ما كان يحاول معاوية جاهدا أن ينبّه الجماهير الإسلاميّة إليه ليثوروا عليه.