فأدلى إلى فلان بعده.
شتّان ما يومي على كورها |
|
ويوم حيّان أخي جابر |
فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، لشدّ ما تشطّرا ضرعيها ، فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها ، ويخشن مسّها ، ويكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصّعبة ؛ إن أشنق لها خرم ، وإن أسلس لها تقحّم ، فمني النّاس ـ لعمر الله ـ بخبط وشماس وتلوّن واعتراض ؛ فصبرت على طول المدّة وشدّة المحنة ؛ حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم ، فيا لله وللشورى! متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتّى صرت أقرن إلى هذه النظائر!! لكنّي أسففت إذ أسفّوا ، وطرت إذ طاروا ؛ فصغى رجل منهم لضغنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هن وهن إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الرّبيع ، إلى أن انتكث فتله ، وأجهز عليه عمله ، وكبت به بطنته ، فما راعني إلّا والنّاس كعرف الضّبع إليّ ينثالون عليّ من كلّ جانب ؛ حتّى لقد وطئ الحسنان ، وشقّ عطفاي ، مجتمعين حولي كربيضة الغنم. فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة ، ومرقت أخرى ، وقسط آخرون ... الخطبة (١).
ومثل قوله : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله (ص) متعمّدين لخلافه ، ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته ، ولو حملت الناس على تركها ، وحوّلتها إلى مواضعها ، وإلى ما كانت عليه في عهد رسول الله (ص) ، لتفرّق عنّي جندي حتّى أبقى وحدي ، أو قليل من شيعتي الّذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزوجل وسنّة رسول الله (ص)
__________________
(١) روضة الكافي ، ص ٥٩ ، ط. الثانية سنة ١٣٨٩ ه ، دار الكتب الإسلامية بطهران.