لانتشار ذكرهما بين المسلمين انتشارا هائلا (١) في مقابل خمول ذكر بني أبيه أمثال عتبة ، وشيبة ، وأبي سفيان ، والحكم بن أبي العاص أوّلا ، وثانيا لما يناقض انتشار ذكر الرسول وابن عمه ما يتوخاه من تركيز الخلافة لنفسه ، وتوريثه لعقبه ، إذ بانتشار ذكرهما تتّجه أنظار المسلمين إلى شبليهما الحسن والحسين ، لهذا كلّه جدّ معاوية في إطفاء نورهم عامّة ، وذكر الرسول وابن عمّه خاصة فقدّر لهذا ودبّر ما يلي :
أ ـ رفع ذكر الخليفتين أبي بكر وعمر ، وألحق بهما أخيرا ابن عمّه عثمان ثالث الخلفاء (٢).
ب ـ عمل سرّا على تحطيم شخصية الرسول في نفوس المسلمين ، وجهارا لتحطيم شخصية ابن عمّه.
وللوصول إلى هذين الهدفين ، دفع قوما من الصحابة والتابعين ليضعوا أحاديث في ما يرفع ذكر الخلفاء ، ويضع من كرامة الرسول وابن عمّه ، وصرف حوله وطوله في إنجاح هذا التدبير ، وكتم أنفاس من خالفه في ذلك من أولياء علي وأهل بيته وقتلهم شرّ قتلة ، صلبا على جذوع النخل ، وتمثيلا بهم ، ودفنهم أحياء.
فنجح في ما دبّر نجاحا منقطع النظير حين انتشرت بين الأمة على أثر ذلك أحاديث تروى عن رسول الله (ص) انّه قال في مناجاته لربّه : إنّي بشر أغضب كما يغضب البشر فأيّما مؤمن لعنته أو سببته ، فاجعلها له صلاة وزكاة
__________________
(١) اما انتشار ذكر الرسول فواضح ، وأما اسم علي فمن مواقفه في بدر وأحد والخندق وخيبر ، ومن أحاديث الرسول في شأنه في تلك المواقف وفي تبوك والغدير ، وعمل الرسول في المباهلة ، وعند نزول آية التطهير ، وآيات صدر سورة براءة. من كل ذلك ونظائره انتشر له ذكر جميل ، وسعى معاوية لاخفاء معالمه.
(٢) راجع قبله الفصل الثاني من الباب الثاني من هذا الكتاب ، باب «على عهد معاوية».