وحفّت بها إماؤها ، فلمّا دخلت جلست فقال عبيد الله بن زياد : من هذه الجالسة؟ فلم تكلّمه ، فقال ذلك ثلاثا ، كلّ ذلك لا تكلّمه ، فقال بعض إمائها : هذه زينب ابنة فاطمة قال : فقال لها عبيد الله : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم. فقالت : الحمد لله الذي أكرمنا بمحمّد (ص) وطهّرنا تطهيرا ، لا كما تقول أنت ، انّما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر ، قال : فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟ قالت : كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّون إليه وتخاصمون عنده. قال : فغضب ابن زياد واستشاط. قال : فقال له عمرو بن حريث : أصلح الله الأمير انّما هي امرأة وهل تؤاخذ المرأة بشيء من منطقها؟ انّها لا تؤاخذ بقول ولا تلام على خطل ، فقال لها ابن زياد : قد أشفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة المردة من أهل بيتك! قال : فبكت ، ثمّ قالت : لعمري لقد قتلت كهلي ، وأبرت أهلي ، وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي ، فان يشفك هذا ، فقد اشتفيت ، فقال لها عبيد الله : هذه سجّاعة! قد لعمري كان أبوك شاعرا سجّاعا! قالت : ما للمرأة والسجاعة ان لي عن السجاعة (١) لشغلا ولكنّي نفثى ما أقول.
وروى عن حميد بن مسلم قال : انّي لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه علي بن الحسين ، فقال له : ما اسمك؟ قال : أنا علي بن الحسين قال : أولم يقتل الله عليّ بن الحسين؟ فسكت. فقال له ابن زياد : ما لك لا تتكلّم؟ قال : قد كان لي أخ يقال له أيضا عليّ فقتلته الناس. قال : انّ الله
__________________
(١) السجع : الكلام المقفى أو موالاة الكلام على روي واحد ، وقد يطلق السجع على الكلام المسجع وسجع الخطيب سجعا نطق بكلام له فواصل فهو سجاع وسجاعة بتشديد الجيم وهذا ما أراده ابن زياد في قوله وأجابته زينب بأن لها ما يشغلها عن سجع الكلام وما ورد في النسخة (الشجاع والشجاعة) تحريف.