الخمر ، وكان ينادم عليها سرجون النصراني مولاه ، والأخطل ـ الشاعر النصراني ـ وكان يأتيه من المغنّين سائب خاثر فيقيم عنده فيخلع عليه ... (١).
كان يزيد بن معاوية أوّل من أظهر شرب الشراب ، والاستهتار بالغناء ، والصيد واتخاذ القيان والغلمان ، والتفكّه بما يضحك منه المترفون من القرود والمعافرة بالكلاب والديكة (٢).
وكان من الطبيعي أن تتأثّر بيزيد حاشيته ، ويتظاهر الخلعاء والماجنون بأمرهم كما ذكره المسعودي في مروجه قال : وغلب على أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق ، وفي أيّامه ظهر الغناء بمكة والمدينة ، واستعملت الملاهي ، وأظهر الناس شرب الشراب.
وكان له قرد يكنّى بأبي قيس يحضره مجلس منادمته ، ويطرح له متّكأ ، وكان قردا خبيثا ، وكان يحمله على أتان وحشيّة قد ريضت وذلّلت لذلك بسرج ولجام ويسابق بها الخيل يوم الحلبة ، فجاء في بعض الايام سابقا ، فتناول القصبة ودخل الحجرة قبل الخيل وعلى أبي قيس قباء من الحرير الأحمر والأصفر مشمّر ، وعلى رأسه قلنسوة من الحرير ذات الألوان بشقائق ، وعلى الأتان سرج من الحرير الأحمر منقوش ملمّع بأنواع من الألوان ، فقال في ذلك بعض شعراء الشام في ذلك اليوم.
تمسّك أبا قيس بفضل عنانها |
|
فليس عليها إن سقطت ضمان |
ألا من رأى القرد الذي سبقت به |
|
جياد أمير المؤمنين أتان (٣) |
وروى البلاذري عن قصّة هذا القرد وقال : كان ليزيد بن معاوية قرد يجعله بين يديه ويكنّيه أبا قيس ، ويقول : هذا شيخ من بني اسرائيل أصاب
__________________
(١) الأغاني ١٦ / ٦٨.
(٢) أنساب الأشراف للبلاذري ج ٤ القسم الأول ص ١. المعافرة كالمهارشة.
(٣) مروج الذهب ٣ / ٦٧ ـ ٦٨.