عنوا بدراستها لدراية منطوقها ومفهومها ، خاصها وعامها ، محكمها ومتشابهها ، إلى غير ذلك من الدراسات ، واستنبطوا منها الاحكام الشرعية التي دوّنوها في كتبهم الفقهية.
وكذلك جمعوا الاحاديث المروية بواسطة الصحابة المؤمنين وأئمة أهل البيت الاطهار في موسوعات كبيرة مثل الفقيه والاستبصار والتهذيب والوسائل وجامع أحاديث الشيعة ، ثم عنوا بدراسة أسانيد أحاديثها لمعرفة قويها من ضعيفها وصحيحها من سقيمها ، ودراسة متونها لمعرفة عامها وخاصها ، مجملها ومبيّنها ورجحان ما تعارض منها ، ثم أثبتوا الأحكام التي استخرجوها مما صحّ عندهم من تلك الاحاديث في كتب فقهيّة ، مثل النهاية للشيخ الطوسي ، والمختصر النافع وشرايع الإسلام للمحقق الحلي (ت : ٦٧٦ ه) ، واللمعة للشهيد الأول (ت : ٧٨٦ ه) ، وشرحها للشهيد الثاني (ت : ٩٦٥ ه) وجواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام للشيخ محمد حسن (ت : ١٢٦٦ ه) إلى نظائرها.
ويتّضح ممّا ذكرنا انّ علماء مدرسة أهل البيت لم يجروا في دراستهم الرسميّة الحوزوية على غير أحاديث الأحكام دراسات لتمحيص الأحاديث ، وأن الأحاديث التي جمعوها (في مثل الوسائل وجامع أحاديث الشيعة) انّما جمعوها ليجري الفقيه عليها دراساته لمعرفة الاحاديث الصحيحة منها ، ثم استنباط الأحكام ممّا ثبت عندهم صحّتها منها.
إذا فالأحاديث الصحيحة عند فقهاء الشيعة هي التي استخرجوا منها المسائل الفقهية المدوّنة في الكتب الفقهية المذكورة آنفا ، ومن ثمّ ثبت انّ العلماء لم يجروا أي دراسة حوزوية على أحاديث السيرة ، سواء سيرة الأنبياء السابقين ، أو خاتم الأنبياء وصحابته ، أو الأئمة وأصحابهم ، وروايات التاريخ الإسلامي العام ، ولا على أحاديث تفسير القرآن الكريم والادعية والأخلاق ،