الفقهية ـ وكانوا بصدد جمع الأحاديث المناسبة لكلّ باب ، فقد اقتضت الامانة العلمية في النقل أن يدوّنوا كل ما انتهى إليهم من حديث في بابه ، مع غضّ النظر عن صحة الحديث لديهم أو عدمها ، كي تصل جميع أحاديث الباب إلى الباحثين في الاجيال القادمة كاملة ، مهما كان بعض الاحاديث مكروها لديهم وضعيفا بموازين النقد العلمي. وإنما كانوا يرون أنفسهم مسئولين أمام الله في تمحيص الاحاديث التي يعتمدونها في استخراج الأحكام الشرعيّة في تدوين كتبهم الفقهية فحسب.
إذا فانّ النقد يرد عليهم لو اعتمدوا على حديث ضعيف في كتبهم الفقهية ، وكذلك يرد النقد على كتب «منتقى الجمان» و «الدرّ والمرجان في الأحاديث الصّحاح والحسان» و «النهج الوضاح في الاحاديث الصحاح» و «صحيح الكافي» لو ورد فيها حديث ضعيف.
ومن كل ما سبق ذكره يتّضح جليّا انّ مدرسة أهل البيت لا تتسالم على صحة كتاب عدا كتاب الله جلّ اسمه ، وانّ المؤلفين منهم قد يوردون في غير الكتب الفقهية حديثا لا يعتقدون صحّته ويرونه ضعيفا ، لأن الامانة العلميّة تقتضيهم أن لا يكتموا الباحثين في الاجيال القادمة حديثا بدليل انهم يرونه ضعيفا ، فلا يتّجه إليهم نقد في غير ما دوّنوه في الابواب الفقهية ، ويرد النقد على مؤلفي الصحاح والحسان الأربعة لو وجد فيها حديث ضعيف.
* * *
بعد أن بلغ البحث إلى هنا رجعنا إلى معجم رجال الحديث (١) لاستاذ الفقهاء السيد الخوئي ، فوجدناه ـ مدّ ظله ـ قد أفاض في الحديث في ذلك تحت عنوان «روايات الكتب الأربعة ليست قطعية الصدور» و «النظر في
__________________
(١) معجم رجال الحديث ١ / ٢٢ ـ ٣٦ ، ط. بيروت سنة ١٤٠٣ ه.