ويقول في دعائه : اللهم اغفر لي! فقيل له : كيف يغفر الله لك وقد خرجت إلى ابن بنت رسول الله (ص) فأعنت على قتله؟! ، قال : ويحك! فكيف نصنع!؟ إنّ امراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم ولو خالفناهم كنّا شرا من هذه الحمر (١).
وكان كعب بن جابر ـ ممّن حضر قتال الحسين (ع) في كربلاء ـ يقول في مناجاته:
«يا ربّ! إنّا قد وفينا فلا تجعلنا يا ربّ كمن قد غدر» يقصد بمن قد غدر من خالف الخليفة وعصى أوامره.
ودنا عمرو بن الحجّاج يوم عاشوراء من أصحاب الحسين (ع) ونادى وقال : يا أهل الكوفة! الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين وخالف الإمام.
بلغوا في تديّنهم بطاعة الخليفة إلى حدّ أنّه كان أرجى عمل عندهم ليوم القيامة ارتكاب كبائر معاصي الله في سبيل طاعة الخليفة ، وقد مرّ علينا قول مسلم في حالة النزع :
اللهمّ إنّي لم أعمل عملا قطّ بعد شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله ـ أي بعد الإسلام ـ أحبّ إليّ من قتل أهل المدينة ولا أرجى عندي في الآخرة ، وان دخلت النار بعد ذلك إنّي لشقيّ.
أرأيت هذا التديّن؟! أرأيت أرجى عمل ليوم القيامة؟! أرأيت كيف استطاعت عصبة الخلافة أن تقلب الإسلام إلى ضدّه؟ فانّ الذين قتلوا الحسين (ع) كانوا يصلّون في صلاتهم حين يصلّون على محمّد وآل محمّد ثمّ يقتلونه؟! وإن الذين كانوا يرمون الكعبة بالمنجنيق كانوا يستقبلونها في
__________________
(١) تاريخ الإسلام للذهبي ٣ / ١٨ ـ ١٩.