اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يمينا وشمالا فو الله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينزل عليهم جبرئيل.
هكذا بدأ الإمام الباقر (ع) من بين الأئمّة (ع) بإراءة الكتب التي ورثوها عن جدّه الإمام علي من املاء رسول الله للمسلمين وأقرأها بعضهم ، وتابعه في ذلك الإمام جعفر الصادق وأكثر من توصيفها والنقل عنها وبيان ما فيها وانّها كيف كتبت ، وأنّ فيها كلّ ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة حتّى ارش الخدش.
وكان الأئمّة يصادمون في عملهم هذا مدرسة الخلافة في اعتمادها على الرأي والقياس في استنباط الأحكام وبيانها ، وكانوا يصرّحون بأنّهم لا يعتمدون الرأي وانّما يحدّثون عن رسول الله. كما قال الإمام الصادق (ع) :
حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله ، وحديث رسول الله قول الله عزوجل.
* * *
بعد ما انصرفت قلوب بعض المسلمين عن مدرسة الخلافة اثر استشهاد الحسين (ع) وأدركوا أنّ أولئك ليسوا على حقّ في ما يقولون ويفعلون ، ومالت قلوبهم إلى أهل بيت رسول الله (ص) ؛ عند ذاك استطاع أئمة أهل البيت أن يبصّروا بعضهم أمر دينهم ، ويعرّفوهم أنّ مدرسة الخلفاء تعتمد الرأي في الدين في قبال أئمّة أهل البيت الذين يبلّغون عن الله ورسوله ، وكان الفرد المسلم بعد تفهّم هذه الحقيقة ، يتهيّأ لقبول ما يبيّنه الإمام من أئمّة أهل البيت ، ومن ثمّ بدأ بعض الأفراد يتلقّى الحكم الإسلامي الذي جاء به رسول الله