فضرب أعناقهم فإنّهم ان علموا بموت معاوية وثب كل منهم في جانب وأظهر الخلاف والمنابذة ، ودعا إلى نفسه ، عدا ابن عمر فانّه لا يرى القتال إلا أن يدفع الأمر إليه عفوا.
فأرسل الوليد عبد الله بن عمرو بن عثمان إلى الحسين وابن الزبير يدعوهما فوجدهما في المسجد فدعاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس. فقالا : انصرف ، الآن نأتيه. فقال حسين لابن الزبير : أرى طاغيتهم قد هلك فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشو في الناس الخبر. فقال : وأنا ما أظنّ غيره. فقام الحسين وجمع إليه مواليه وأهل بيته وسار إلى باب الوليد وقال لهم : إنّي داخل فإن دعوتكم أو سمعتم صوته قد علا فاقتحموا عليّ ، وإلّا فلا تبرحوا حتّى أخرج إليكم ، فدخل على الوليد ومروان جالس عنده فأقرأه الوليد الكتاب ودعاه إلى البيعة ، فاسترجع الحسين وقال : انّ مثلي لا يعطي بيعته سرا ولا أراك تجتزئ بها منّى سرا دون أن تظهرها على رءوس الناس علانية ، قال : أجل. قال : فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس فكان أمرا واحدا. فقال له الوليد ، وكان يحبّ العافية : انصرف على اسم الله ، فقال له مروان : والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه ؛ احبس الرجل ولا يخرج من عندك حتّى يبايع أو تضرب عنقه. فوثب عند ذلك الحسين ، فقال : يا ابن الزرقاء (١)! أنت تقتلني أم هو؟ كذبت والله وأثمت (٢).
__________________
(١) قال ابن الاثير في تاريخه الكامل ٤ / ١٦٠ ط. اوربا وكان يقال له ـ أي لمروان ـ ولولده : بنو الزرقاء. يقول ذلك من يريد ذمهم وعيبهم وهي الزرقاء بنت موهب جدة مروان بن الحكم لأبيه وكانت من ذوات الرايات التي يستدل بها على بيوت البغاء فلهذا كانوا يذمون بها ، وقال البلاذري : اسمها مارية ابنة موهب وكان قينا. أنساب الأشراف ٥ / ١٢٦.
(٢) الطبري ٦ / ١٩٠.