إليه ، وقال : أحدّثك أنّي مقتول؟ فقلت : حوشيت يا ابن رسول الله. فقال : سألتك بحقّ أبيك ، بقتلي خبّرك أبي؟ فقلت نعم ، فلولا تأوّلت وبايعت. فقال : حدّثني أبي : أنّ رسول الله (ص) أخبره بقتله وقتلي وأنّ تربتي تكون بقرب تربته ، فتظنّ أنك علمت ما لم أعلمه؟! وانّي لا أعطي الدنيّة من نفسي أبدا ، ولتلقينّ فاطمة أباها شاكية ما لقيت ذريّتها من أمّته ولا يدخل الجنّة أحد آذاها في ذريتها (١).
* * *
كان حكّام ذلك العصر وأشياعهم قد اعتادوا على تسمية تغيير أحكام الله بالتأويل ـ كما شرحناه في بحث الاجتهاد ـ حتّى أصبح المتبادر إلى الذهن من لفظ التأويل هو التغيير ، وأصبح ذلك شائعا وسائغا ، ومن ثمّ كان معاصر والإمام الحسين (ع) الذين بلغهم نبأ استشهاد الحسين في العراق عن رسول الله يلحّون على الإمام الحسين أن يؤوّل قضاء الله هذا ، أي يغيّره بعدم ذهابه إلى العراق ، وبعضهم كان يضيف إلى ذلك طلبه من الإمام أن يؤوله بالبيعة ، أي يغيّره بالبيعة ، وهذا ما عناه عمر بن علي بقوله : (فلولا تأوّلت وبايعت) أي فلولا أوّلت قضاء الله بقتلك ببيعتك ، وكذلك كان قصد محمّد بن الحنفية في ما حاور أخاه الحسين وان لم يصرّح به.
كما روى الطبري والمفيد وغيرهما واللفظ للمفيد : انّ محمّد بن الحنفية قال للحسين (ع) لمّا عزم على الخروج من المدينة : يا أخي أنت أحبّ الناس إليّ وأعزّهم عليّ ولست أدّخر النصيحة لأحد من الخلق ، إلّا لك وأنت أحقّ بها. تنحّ ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الامصار ما استطعت ، ثمّ ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك فان بايعك الناس وبايعوا لك حمدت الله على ذلك ، وان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ، ولا تذهب به مروءتك ولا فضلك إنّي أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الامصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك
__________________
(١) اللهوف ، ص ١١.