خذلوني وضيّعوني ولم يحفظوني ، وهذه شكواي إليك حتّى ألقاك صلّى الله عليك.
ثمّ صفّ قدميه فلم يزل راكعا ساجدا (١) إلى الفجر.
وفي رواية أخرى : فصلّى ركعات فلمّا فرغ من صلاته جعل يقول : اللهم هذا قبر نبيّك محمّد (ص) وأنا ابن بنت نبيّك وقد حضرني من الأمر ما قد علمت ، اللهم إنّي أحبّ المعروف وأنكر المنكر وإنّي أسألك يا ذا الجلال والاكرام بحق هذا القبر ومن فيه الّا اخترت من أمري ما هو لك رضى ولرسولك رضى وللمؤمنين رضى ، ثمّ جعل يبكي عند القبر حتى إذا كان قريبا من الصبح وضع رأسه على القبر فأغفى فإذا هو برسول الله قد أقبل في كتيبة من الملائكة عن يمينه وشماله وبين يديه ومن خلفه فجاء وضمّ الحسين إلى صدره وقبّل بين عينيه وقال «حبيبي يا حسين كأنّي أراك عن قريب مرمّلا بدمائك ، مذبوحا بأرض كربلاء ، بين عصابة من أمّتي ، وأنت في ذلك عطشان لا تسقى ، وظمآن لا تروى ، وهم في ذلك يرجون شفاعتي ، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي. ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة ، وما لهم عند الله من خلاق ، حبيبي يا حسين! انّ أباك وأمّك وأخاك قدموا عليّ وهم إليك مشتاقون ، وانّ لك في الجنّة لدرجات لن تنالها إلّا بالشهادة (٢). الحديث.
وذهب إلى قبر أمّه وأخيه وودّعهما (٣).
وروى عمر بن علي الاطرف وقال :
لمّا امتنع أخي الحسين (ع) عن البيعة ليزيد بالمدينة دخلت عليه فوجدته خاليا ، فقلت له : جعلت فداك يا أبا عبد الله : حدّثني أخوك أبو محمّد الحسن عن أبيه (ع). ثمّ سبقتني الدمعة ، وعلا شهيقي ، فضمّني
__________________
(١) مقتل الخوارزمي ١ / ١٨٦.
(٢) فتوح ابن أعثم ٥ / ٢٩ ، ومقتل الخوارزمي ١ / ١٨٧.
(٣) اللهوف ، ص ١١.