أمّا بعد فإنّ الرائد لا يكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا ، فعجّل الاقبال حين يأتيك كتابي ، فانّ الناس كلّهم معك ليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى والسلام (١).
وفي رواية بايع مسلم بن عقيل خمسة وعشرون ألفا.
وفي رواية أخرى أربعون ألفا (٢).
قال المؤلف : ولعلّ أهل الكوفة استمرّوا على البيعة لمسلم بعد ارساله الكتاب إلى الامام الحسين حتى بلغوا خمسة وعشرين أو أربعين ألفا.
قال الطبري : اجتمع ناس من الشيعة بالبصرة وتذاكروا أمر الحسين ، والتحق بعضهم به وسار معه حتى استشهد ، وكتب إليهم الحسين يستنصرهم (٣).
قال : وعزل يزيد نعمان بن بشير عن ولاية الكوفة وولى عبيد الله بن زياد عليها (٤) بالإضافة إلى ولايته على البصرة ، وكتب إليه أن يطلب مسلم بن عقيل حتى يقتله فقدم الكوفة وتتبع الشيعة ، فثار عليه مسلم بن عقيل ، وخذله من بايعه من أهل الكوفة وبقي وحيدا يحارب جنود ابن زياد ، فضرب بسيف قطع شفته العليا ونصلت ثناياه وأخذوا يرمونه بالحجارة من فوق البيوت ، ويلهبون النار في أطنان القصب ثم يقلبونها عليه. فتقدّم إليه محمّد بن الأشعث وقال : لك الامان لا تقتل نفسك ، وكان قد أثخن بالحجارة وعجز عن القتال وانبهر وأسند ظهره إلى جنب الدار. فدنا منه ابن الاشعث فقال : لك الامان قال : آمن أنا؟ قال : نعم. وقال القوم : أنت آمن. فقال : أما لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم فاجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه من عنقه فقال : هذا
__________________
(١) الطبري ٦ / ٢١١.
(٢) تاريخ ابن عساكر ح ٦٤٩.
(٣) الطبري ٦ / ١٩٨ ـ ٢٠٠.
(٤) الطبري ٦ / ١٩٩ ـ ٢١٥.