فقال : أمالك بن النسير البديّ؟ قال : نعم ، وكان احد كندة ، فقال له يزيد بن زياد : ثكلتك أمّك! ما ذا جئت فيه؟! قال : وما جئت فيه ، أطعت امامي ووفيت ببيعتي ، فقال له أبو الشعثاء : عصيت ربّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك ، كسبت العار والنار ، قال الله عزوجل : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ) فهو إمامك.
قال : وأخذ الحرّ بن يزيد القوم بالنزول في ذلك المكان على غير ماء ولا في قرية فقالوا دعنا ننزل في هذه القرية ـ يعنون نينوى ـ أو هذه القرية ـ يعنون الغاضرية ـ أو هذه الأخرى ـ يعنون شفية ـ فقال : لا والله ما استطيع ذلك ، هذا رجل قد بعث إليّ عينا. فقال له زهير بن القين : يا ابن رسول الله! ان قتال هؤلاء أهون من قتال من يأتينا من بعدهم فلعمري ليأتينا من بعد من ترى ما لا قبل لنا به ، فقال له الحسين : ما كنت لأبدأهم بالقتال. وفي الاخبار الطوال بعده :
فقال له زهير : فها هنا قرية بالقرب منا على شطّ الفرات ، وهي في عاقول (١) حصينة ، الفرات يحدق بها إلّا من وجه واحد.
قال الحسين : وما اسم تلك القرية؟
قال : العقر.
قال الحسين : نعوذ بالله من العقر (٢).
فقال الحسين للحرّ : سر بنا قليلا ، ثم ننزل.
فسار معه حتى أتوا كربلاء ، فوقف الحرّ وأصحابه أمام الحسين ومنعوهم من المسير ، وقال : انزل بهذا المكان ، فالفرات منك قريب.
__________________
(١) عاقول الوادي ما اعوج منه ، والأرض العاقول التي لا يهتدى إليها.
(٢) مكان قرب كربلاء من نواحي الكوفة.