(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١)
فقد وصف سبحانه في هذه الآية نفسه ب (هُوَ الْحَقُّ) المطلق ، ثمّ أردف ذلك بقوله : (يُحْيِ الْمَوْتى) وهذه إشارة واضحة إلى أنّ الحقّ المطلق لا ينفك عن إحياء الموتى والبعث يوم القيامة.
بعد هذه الإشارة لا بدّ من البحث عن العلاقة بين «كونه سبحانه حقاً» وبين «المعاد يوم القيامة» لنرى ما هي هذه العلاقة؟
والجواب عن هذا السؤال : يتّضح جلياً من خلال التركيز على معنى «الحق» ، وذلك لأنّ الحقّ في الواقع هو النقطة المقابلة «للباطل» ، ومن الطبيعي انّ الموجود الحقّ والذي لا يتطرق إليه الباطل بشكل من الأشكال وبنحو من الأنحاء ، لا بدّ أن يكون أزليّاً وسرمدياً وأن تكون ذات ذلك الوجود جامعة لكلّ أنواع الكمال ومنزّهة من كلّ نقص وعيب ، وهذا بدوره يلازم أن يكون العمل أو الفعل الصادر من تلك الذات منزّهاً عن النقص والعيب بكلّ أشكاله أيضاً وإلّا خرج الوجود عن كونه حقّاً مطلقاً وتطرّق إليه الباطل حينئذٍ ، وهذا خلاف فرض كونه حقّاً.
وبعبارة أُخرى : انّ فعل الحقّ تجلّي لصفاته ، والصفات الذاتية تجلّي لذاته سبحانه ، فإذا كانت ذاته سبحانه حقّاً مطلقاً ولا يتطرّق لها الباطل بأيّ نحو من الأنحاء وبوجه من الوجوه لا بدّ أن يوصف سبحانه بأنّه «حكيم» ، وبما أنّه حكيم لا بدّ أن يكون فعله بعيداً عن العبثية ومنزّهاً عن اللغوية دائماً.
ومن خلال هذا البيان نصل إلى هذه النتيجة وهي : انّ وصفه سبحانه بأنّه
__________________
(١). الحج : ٦.