المخلوقات الأُخرى عن القيام بها ، ومع كلّ ذلك يبقى ذلك الإنسان يعيش حالة التحول والانتقال وعدم الثبات حيث يقذف دائماً في تيار الحوادث من حالة إلى أُخرى.
ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا البرهان الفلسفي الذي يثبت حتمية المعاد انطلاقاً من قانون «غائية الحركة» ، ومن هذه الآيات التي وردت في هذا المجال :
لقد أشار القرآن الكريم وبصورة هي غاية في الدقّة والإحكام إلى المراحل التي يطويها الإنسان في مجال خلقته من «النطفة» وحتى الوصول إلى مقامات سامية ، وأنّه كلّما وصل إلى مرحلة ما تركها إلى أُخرى ، أرقى من سابقتها وهكذا حتى يصل إلى درجة من الكمال. يصفها الله تعالى بقوله :
(... ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ). (١)
ثمّ يشير سبحانه إلى مرحلتين من مراحل الإنسان التكاملية هما : مرحلتا «الموت» و «الحياة الأُخرى» حيث يقول سبحانه :
(ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ* ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ). (٢)
ونحن إذا أمعنّا النظر في الآيات نجد انّه سبحانه عطف الجمل الثلاث بحرف العطف «ثمّ» الذي يدلّ على التعاقب والالتصاق ، وهذا يعني أنّ هذه المراحل متعاقبة ومتلاحقة.
ومن مجموع الجمل تكتشف انّ النفس الإنسانية والروح الواحدة ، تخضع لقانون واحد منذ اللحظات الأُولى للخلق إلى أن تصل إلى مرحلة البعث والنشور والحياة الأُخرى ، وهذا القانون هو : الانتقال والتحوّل والحركة من النقص إلى
__________________
(١). المؤمنون : ١٤.
(٢). المؤمنون : ١٥ ـ ١٦.