وبعبارة أوضح : انّ الآية تريد الإشارة إلى نكتة مهمة وهي انّ الله سبحانه حينما يصف القرآن بأنّه «عربي مبين» يعني أنّ هذا القرآن وضع مطابقاً للأُسلوب العربي والقواعد العربية المحكمة وليس على طريقة الأعاجم الذي يجهلون اللغة العربية ويرصفون كلمة إلى جنب كلمة أُخرى ظناً منهم انّهم يتكلّمون اللغة العربية ، بل أنّ هذا الكتاب موافق لأُسس اللغة العربية وانّه مصون وبعيد من التحريف والخطأ والإغماض والتعقيد في العبارة.
ونختم الحديث هنا بكلام لأمير المؤمنين عليهالسلام ، حينما أرسل ابن عباس للاحتجاج على الخوارج ومناظرتهم ، فقال له عليهالسلام :
«لا تخاصمهم بالقرآن فإنّ القرآن ذو وجوه وحمال ، تقول ويقولون ، ولكن حاججهم بالسنّة فإنّهم لن يجدوا عنها محيصاً». (١)
فإنّ هذه الفقرة القيمة توضح وبجلاء انّ بعض آيات القرآن تحتمل عدّة وجوه ومحتملات ، ولا يمكن معرفة المراد منها إلّا بعد أن نطوي مجموعة من المقدّمات ولا يمكن الاكتفاء بالمعرفة ببعض الأُصول الأدبية واللغوية لرفع هذا الإبهام.
وهذا الكلام يرشدنا إلى أنّ جميع آيات الذكر الحكيم ليست من الكلام المحكم والصريح ، بل يوجد فيها الكثير من المتشابه الذي يحتاج في بيانه إلى مجموعة من المقدّمات العلمية الأُخرى. (٢)
__________________
(١). نهج البلاغة ، الخطبة ٧٧.
(٢). منشور جاويد : ٣ / ٣١٢ ـ ٣١٤.