تلك الفعليات إلى الجنين الإنساني أو الجنين الحيواني ، أو البدن الحيواني الكامل.
٢. أن تتعلّق بذلك البدن بعد أن تحذف كمالاتها وفعلياتها.
أمّا الصورة الأُولى فإنّها ممتنعة ذاتاً ، لأنّه يشترط أن يكون بين النفس والبدن انسجام كامل بحيث كلّما نما البدن وسار إلى الامام تسير النفس بموازاته ، فكيف يمكن أن نتصوّر انّ النفس التي رافقت البدن السابق أربعين عاماً قادرة على تدبير خلية صغيرة لا يوجد بينها وبين الروح أيّ نوع من الانسجام؟
وبعبارة أُخرى : انّ تعلّق النفس بهكذا بدن يقتضي الجمع بين الضدين ، لأنّ المفروض انّ النفس من خلال مرافقتها للبدن السابق تمتلك من الكمالات والفعليات المحيّرة ، هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى فرض تعلّقها (بالجنين) يقتضي انّها فاقدة لتلك الكمالات والفعليات ، وهذا يعني الجمع بين الضدين أو النقيضين.
وأمّا الصورة الثانية : (تعلّق النفس مع حذف الكمالات) فغير صحيح أيضاً ، وذلك : لأنّ سلب تلك الكمالات إمّا أن يكون خصيصة ذاتية للنفس ، أو أنّه بسبب عامل خارج عن النفس.
أمّا الفرض الأوّل (الخصيصة الذاتية) فغير ممكن ، إذ معنى ذلك انّ الحركة من الكمال إلى النقص خصيصة الشيء وهو غير متصوّر.
وأمّا الفرض الثاني : فإنّه يتنافى مع العناية الإلهية ولا ينسجم معها ، وذلك لأنّ العناية الإلهية تعلّقت بإرسال القوى إلى الكمال وإيصال كلّ ممكن إلى غايته المنشودة لا سلب الكمالات والفعليات عنه.
وهذا الذي ذكرناه بيان واضح لما ذكره صدر المتألّهين ، وحصيلة لكلامه في «الأسفار». (١)
__________________
(١). انظر الأسفار : ٩ / ١٦.