ومن خلال هذه التعاريف والتعاريف الأُخرى للتأويل والتفسير يتّضح أنّ تفسير الآية لدى طائفة من المفسّرين غير تأويلها. فتوضيح الآية من جهة مفرداتها ، والهيئة التركيبية وباقي الخصوصيات المتعلّقة بظاهر الآية يكون تفسيراً للآية ، والحال انّ إرجاع الآية إلى المراد النهائي منها وبالاستعانة بالآيات الأُخرى والروايات وسائر الأدلّة العقلية والنقلية ، يكون تأويلاً للآية.
إنّ الاتّجاه العام لدى المفسّرين في القرنين الثالث والرابع (كالطبري) في تفسيره «جامع البيان» يميلون إلى الترادف بين مصطلحي «التأويل» و «التفسير» ، ولذلك نراهم يطلقون على تفسير الآية لفظ «تأويل الآية» ، وهذا النوع من الاستعمال يشعر بأنّهم يذهبون إلى الترادف بين المصطلحين كما قلنا ، إلّا أنّ الاتّجاه الآخر ـ وهو اتّجاه من تأخّر عنهم من المفسّرين ـ يذهب إلى أنّ التفسير يخالف التأويل ، وانّ لكلّ من المصطلحين مجاله الخاص به.
وعلى كلّ حال سواء قلنا : إنّ هذا التفصيل بين التأويل والتفسير صحيح أم لا ، فإنّ المفسّرين ولقرون متمادية قد ساروا على هذا المنهج واعتبروا انّ تفسير الآية يغاير تأويلها ، حيث اعتبروا التفسير هو كشف الستار وتوضيح وبيان مفردات الآية وجملها. والحال انّ التأويل هو إرجاع الآية إلى المراد النهائي منها.
ثمّ إنّ لأُستاذنا الكبير العلّامة الطباطبائي في هذا المجال نظرية خاصة ذكرها في تفسيره للآية السابعة من سورة آل عمران.
ولا ريب انّ مصطلحي «التأويل» و «التفسير» كلاهما يستعمل ويستفاد منه لرفع الإبهام والغموض الموجود في الآية ، ولكن كلّما كان الإبهام والغموض يتعلّق بمعاني مفردات الآية ومضمون الجملة أو الجمل ، يطلق على هذا الرفع عنوان التفسير ، وأمّا إذا كان الإبهام والغموض متعلّقاً بالمقصود النهائي من الآية