ونحن إذا حللنا الروايات وفسّرناها بإمعان تتّضح لنا النكات التالية :
النكتة الأُولى : انّ الرواية الثانية واضحة جداً ، لأنّها تؤكد أنّ الإنسان لا يُسأل عن النعم التي تبذل في سبيل الله سبحانه ، ولا تقع تلك النعم موضوعاً للمساءلة والعقاب والمؤاخذة.
النكتة الثانية : كذلك الأمر بالنسبة إلى الرواية الثالثة فإنّها أيضاً واضحة حيث تؤكّد أنّ بعض الأُمور لا يُسأل عنها الإنسان يوم القيامة ، وذلك لأنّ هذه الأُمور المستثناة تمثّل في الواقع اللطف والكرم الإلهي والرحمة الإلهية والتي تتوقف عليها ضرورة الحياة.
النكتة الثالثة : وحينئذٍ يمكن معرفة المستثنيات من عموم الرواية الأُولى الدالّة على شمولية الحساب لكلّ شيء ، وهذا الشمول يمكن تصوّره في أمرين :
١. السؤال عن كلّ شيء سواء أُنفق في سبيل الله أو أُنفق في غير سبيل الله.
٢. ولا فرق بين العمل الصادر من المؤمن أو من غير المؤمن.
وبما أنّ هذين القسمين قد ورد ، في الروايتين الثانية والثالثة ، استثناؤهما من المحاسبة والمؤاخذة والعقاب ، وبالنتيجة انّ المعنى الكلّي والعام للطائفة الأُولى يخصّص بالمستثنيات الواردة في الروايات الأُخرى. (١)
__________________
(١). منشور جاويد : ٩ / ٢٨٥ ـ ٢٩١.