جبرئيل» ، وهنا لا بدّ من العودة إلى القرآن الكريم واستنطاقه لمعرفة الجواب القرآني عن هذا التساؤل ما هو؟
وبعبارة أُخرى : لقد ثبت أنّ المراد من الروح في قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) هو «الروح الأمين» ، ولكن لا بدّ من معرفة المراد من الجواب القرآني (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ما هو؟
يقول ابن عباس : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لجبرائيل : «ما منعك أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا؟» فنزل :
(وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ) (١). (٢)
وهكذا يتّضح أنّ قوله تعالى : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) هي جواب عن تساؤلات أحبار اليهود ورهبانهم الذين حاولوا الحصول على ما يسند معتقدهم وموقفهم ضد جبرئيلعليهالسلام ، إلّا أنّ الجواب كان رادعاً ودامغاً لهم حيث أثبت أنّ جبرئيل عليهالسلام هو أحد رسل الله سبحانه الذين لا يعصونه أبداً (وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) ، وأنّه قد سخّر كلّ وجوده لإطاعة أمره سبحانه وتنفيذ ما يوكل إليه من المهام بكلّ دقة وأمانة ، وقد وصل إلى درجة من الالتزام حتى تجسّدت فيه تلك الصفات وترسّخت ، كالإنسان الذي يصل من جهة العدالة والنزاهة والطهارة إلى درجة يصبح كأنّه العدل والعدالة نفسهما. (٣)
__________________
(١). مريم : ٦٤.
(٢). مجمع البيان : ٣ / ٥٢١.
(٣). منشور جاويد : ٣ / ٢٠٤ ـ ٢١١ و ٢١٥ و ٢١٦.