٣. (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ). (١)
٤. (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ). (٢)
دلّت الآية الأُولى على أنّ الواقفين على الأعراف يعرفون أهل الجنة وأهل النار ، فإذا بأصحاب الجنة ينادونهم بالتسليم عليهم ، وهم بعدُ لم يدخلوا الجنة ولكن ينتظرون الدخول ، كما يقول سبحانه : (وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) ، أي نادى أصحاب الأعراف أصحاب الجنّة أن (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) تحية منهم إليهم وهم بعد لم يدخلوها ولكن ينتظرون أن يؤذن لهم بالدخول ، وكأنّهم مصطفّون على أبواب الجنّة ينتظرون الإذن الإلهي بالدخول.
ثمّ إنّ أصحاب الأعراف ينظرون إلى أصحاب النار نظر عداء ، فلا ينظرون إليهم إلّا إذا صرفت وجوههم إليهم ولأجل التبري من أعمالهم يقولون :
(رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
كما يقول سبحانه :
(وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
وبما أنّ أصحاب الأعراف نادوا أصحاب الجنة ـ فبطبع الحال ـ ينادون أصحاب النار الذين تبرّءوا منهم فنادوهم بما يحكي عنهم سبحانه ، ويقول :
(وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما
__________________
(١). الأعراف : ٤٨.
(٢). الأعراف : ٤٩.