ظهور لها بحسب هذه النشأة سوى ما نشاهده منها. ولكن في نفس الوقت لها ظهور آخر في النشأة الأُخروية يتناسب مع تلك النشأة ، فتظهر بصورة الجنة ونعيمها وحورها وغلمانها ، وهكذا الأمر بالنسبة إلى الأعمال القبيحة والأفعال السيئة.
وعلى هذا الأساس الأعمال الحسنة لهذا العالم تتغيّر في ذلك العالم وتتحوّل إلى : بساتين وحقول نظرة وحدائق غلبا ، وأولاد مخلدين ، وحور مقصورات في الخيام ، وقصور فارهة ؛ والعكس صحيح ، فإنّ الأعمال القبيحة تتحوّل إلى أشياء تناسبها ، كالنار وسلاسل الحديد وأنواع العذاب من الغل والضرب والزقوم والمهل يغلي البطون وغير ذلك.
وحينئذٍ يكون جزاء كلّ إنسان عين أعماله على الحقيقة ولا مجال هنا للمجازية أبداً ، ففي محكمة العدل الإلهي لا يوجد شيء أفضل من أن يرى الإنسان جزاء عمله ، وتعود عليه نفس نتيجة ما اقترفه من عمل ، صالحاً كان أم طالحاً. وهذا ما يطلق عليه اصطلاحاً بتجسّم الأعمال.
وإلى جانب الكلام عن «تجسّم الأعمال» هناك كلام آخر حول تجسّم الملكات ، وهي أنّ الملكات التي يكتسبها الإنسان في الحياة الدنيا ، كملكة حب الخير والإحسان وملكة الطاعة أو العدل والإنصاف وغير ذلك من الصفات الحسنة ؛ أو ما يكتسبه من الملكات السيئة والذميمة ، كملكة العصيان والتمرّد والحقد على الآخرين وتمنّي زوال النعمة عنهم وغير ذلك من الخصال ، فإنّ لهذه الملكات بحسب الظهور الدنيوي ظهوراً يتناسب مع الحياة الدنيا ، ولكن في عالم الآخرة تتحوّل تلك الملكات وتنقلب بنحو يناسب تلك النشأة ، أي تظهر الحقيقة الباطنية لتلك الملكات والصفات.