سوى وجودهم الذي يتحوّل إلى نور يشع ويضيء الطريق أمامهم.
وحينئذٍ يطرح السؤال التالي : ما هو منشأ هذا النور؟ ومن أين جاء؟
والجواب : انّنا حينما نرى المنافقين يطلبون من المؤمنين الاقتباس من نورهم كما جاء في قوله تعالى : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) نجد انّ جواب المؤمنين لهم بأنّ ذلك الأمر منبعه الحياة الدنيا التي فرطتم فيها ولذلك يقولون لهم :
(... ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ...). (١)
وهذا الجواب يعرب وبوضوح أنّ هذا النور هو ظهور لما قام به المؤمنون من الأعمال الصالحة في حياتهم الدنيوية.
ثمّ إنّه يطرح السؤال الآخر وهو : كيف نشأ هذا النور من الحياة الدنيا؟
في مقام الجواب عن هذا التساؤل يوجد احتمالان :
١. انّ الشخصية السامية والرفيعة للمؤمنين وفي ظل الطاعات والعبادات تتحوّل إلى مركز للملكات الجميلة والخصال الحميدة ثمّ تتجلّى في عالم الآخرة بصورة النور.
٢. انّه تتجلّى وتتجسّم الصورة الحقيقية والواقعية لأعمالهم الصالحة وصفاتهم الحميدة بصورة النور في تلك النشأة.
ولقد حذّر القرآن الكريم المستكبرين والطواغيت من اكتناز الذهب والفضة وعدم إنفاقها في سبيل الله ، لأنّها ستتحول في عالم الآخرة إلى نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وتتجلّى تلك الأموال بصورتها الحقيقية في عالم الآخرة ، وهذا ما ورد في قوله تعالى :
٥. (... وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ
__________________
(١). الحديد : ١٣.