لقد حكمت الآية المباركة على المجرمين بالخلود في النار ، ولكن لا بدّ من التأمّل في الآية لنرى هل المراد منها كلّ إنسان تلطّخت يداه بالذنب والمعصية ، أو انّ المراد منها هم المجرمون الذين تمرّدوا على أوامر الله وأعرضوا عنها ولم يؤمنوا بأنبياء الله ورسله؟
إنّ الآيات السابقة تشهد على أنّ المراد من الآية هو المعنى الثاني ، وذلك لأنّ مجموع الآيات تقسّم الناس إلى طائفتين ، هما :
١. المؤمنون بآيات الله ، والذين يكون جزاؤهم الجنة.
٢. المجرمون ، والذين يكون جزاؤهم النار.
ومن خلال الإمعان في تقابل هاتين الطائفتين يمكن التوصّل إلى المراد من الطائفة الثانية.
قال تعالى في خصوص الطائفة الأُولى :
(يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ* ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ). (١)
وقال تعالى في خصوص الطائفة الثانية :
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ* لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ* وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ). (٢)
وبما انّه سبحانه عبّر عن الطائفة الأُولى بقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) يمكن القول إنّ المقصود من المجرمين ـ في الطائفة الثانية ـ تلك الطائفة التي لم تؤمن بآيات
__________________
(١). الزخرف : ٦٨ ـ ٧٠.
(٢). الزخرف : ٧٤ ـ ٧٦.