الاقتصادي ، أو الأُسري ، أو أُسلوب ونظام الحكم ما لم تسبق كلّ ذلك معرفة الإنسان وكشف حقيقته وماهيته. فكلّ مشروع يراد له أن يحدد للإنسان مساره ويرسم له طريقه لا يمكن أن ينجح بدون تحقّق الشرط المذكور.
ومن هنا تظهر أهمية معرفة الإنسان وكشف حقيقته.
ولقد وردت الإشارة إلى تلك الحقيقة في بعض النصوص الإسلامية نشير إلى بعضها : يقول أمير المؤمنين عليهالسلام :
«أَعْظَمُ الْجَهْلِ ، جَهْلُ الإِنْسانِ أَمْرَ نَفْسِهِ ، وَأَعْظَمُ الْحِكْمَةِ مَعْرِفَةُ الإِنْسانِ نَفْسَهُ وَوُقُوفه عِنْدَ قَدْرِهِ». (١)
فإنّ عبارة : «ووقوفه عند قدره» تشير إلى حقيقة مهمة وهي : انّه ينبغي أن تكون جميع القوانين والدساتير وخطط الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفي جميع نواحي الحياة الأُخرى ، متطابقة مع حدود قدرات وإمكانات الإنسان وميوله ، فعلى سبيل المثال : إذا عرفنا انّ الإنسان يمتلك غرائز باطنية كغريزة التديّن ، أو غريزة العلم والمعرفة ، أو الغرائز والميول الجنسية ، فلا بدّ حينئذٍ من أن يرسم لهم منهج حياة وآيديولوجية تستطيع أن ترضي كلّ هذه الغرائز : العبادة والدعاء ، العلم والمعرفة وتلبية الغرائز الجنسية ، مع الحفاظ على حالة التوازن بينها.
وفي كلام آخر لأمير المؤمنين عليهالسلام يقول :
«الْعارِفُ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَها وَنَزَّهَها عَنْ كُلّ ما يُبَعّدُها وَيُوبِقُها» (٢). (٣)
__________________
(١) و (٢). غرر الحكم ٧٧.
(٣). منشور جاويد : ٤ / ١٨٥ ـ ١٨٨.