٢. علاقة توليدية مؤقتة.
ومن هنا يبحث عن العلاقة بين الجرم والعذاب الأُخروي حيث نقول : إنّ الكفر والشرك هو من قبيل الذنوب التي تكون نتيجتها دائمة وإن كان الجرم موقتاً ، وذلك لأنّ نفس هذا العمل هو المولد والموجد للنتيجة ، وليست النتيجة ناشئة من الاعتبار والجعل والتقنين ، ولقد أشارت الآيات والروايات إلى هذه الحقيقة حيث اعتبرت الدنيا مزرعة للآخرة ، فقد ورد عن الرسول الأكرم أنّه قال : «الدُّنْيا مَزْرَعَةُ الآخِرَةِ».
وورد هذا المعنى عن علي عليهالسلام إذ قال : «الْعَمَلُ الصّالِحُ حَرْثُ الآخِرَةِ». (١)
كذلك ورد هذا المعنى في القرآن الكريم حيث قال سبحانه :
(مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ...). (٢)
٣. هناك قاعدة منطقية وفلسفية معروفة تقول :
«ذاتي الشيء لا يختلف ولا يتخلف» بمعنى أنّه لا يمكن إزالته من مكانه بصورة كلّية ، وحينئذٍ فإنّ الإنسان كما أنّه خلق مقترناً بسلسلة من الصفات والخواص الذاتية التي لا تنفك عنه أبداً ، فمن الممكن أن يكون الكفر والشرك الدائم ـ وخاصة العمدي منه ـ كالخصلة والسجيّة الثانوية والدائمة للإنسان بحيث تصبح من ذاتياته بنحو «لا يختلف ولا يتخلّف» وبالنتيجة تكون سبباً للعذاب الدائم (٣). (٤)
__________________
(١). نهج البلاغة : الخطبة ٢٣ ، طبع صبحي الصالح.
(٢). الشورى : ٢٠.
(٣). يقول الحكيم السبزواري في حاشيته على الأسفار : وما يقول المصنّف انّ القسر لا يدوم وانّ الطوارئ والعوارض تزول ، فجوابه : انّه ليس قسراً ولا عروضاً ، بل تصير الكيفية الظلمانية ، جوهرية والعرضية السيّئة ذاتية ، فإنّ الفطرة الإنسانية ذاتية لا تزول والفطرة الثانية أيضاً ذاتية ، إذا صارت ملكة جوهرية ، إذ العادة طبيعة ثانوية. (الأسفار : ٩ / ٣٤٧).
(٤). منشور جاويد : ٩ / ٤٠٣ ـ ٤٠٥.